الركوب عليها، وأن أخرجت عن أرضها هلكت، وبأعلى صعيد مصر حمير ليست بكثيرة اللحم ولكنها في غاية السير وسرعة المشي، وبرمال الواحات وما اتصل بها حيات كثيرة تستتر في الرمل فإذا مرت بها الجمال ثارت من الرمل ورمت بأنفسها حتى تقع في المحامل، فتنهش هناك من وافقته فيموت في الحال.
بالأندلس من أقاليم قونكة، وهو على نهر شقر، وبإقليم والمو قرية فيها غريبة، وذلك عين راكدة قد علاها الطحلب، فإذا فاجأها إنسان وصاح عليها بشدة صياحه درت بالماء وغلت غلي البرام على النار وينقطع طحلبها بشدة غليان الماء ثم تعود إلى حالها.
أرض الواق واق متصلة بأرض سفالة، وفيها مدينتان حقيرتان، وساكنها قليل لضيق عيشها وتكدر رزقها، وبينهما قرية كبيرة تسمى دغرغة، وهم سودان قباح الوجوه مشوهو الخلقة، وكلامهم نوع من الصفير، وهم عراة لا يستترون بشيء، والداخل إليهم قليل، وأكلهم الحوت والصدف ولحوم السلاحف، وتتصل بهم جزائر الواق واق، وكل واحدة من هذه البلاد على خور كبير، ولا يخرج عن هؤلاء تجارة، ولا مراكب لهم ولا دواب، وجزائر الواق واق لا تعرف ما بعدها، وربما وصل أهل الصين إليها في الندرة، وهي جزائر عدة لا عامر بها.
ورأيت (?) في موضع آخر أن في عرض البحر المحيط بلاد الواق واق ومنابت القنا، وأمة الواق واق جمل شجر عظام معلقة بشعورها ولها ثدي وفروج كفروج، النساء وأبدان حسان، ولا يزلن يصحن واق واق، وإذا قطعت من الأشجار التي تحملها أقامت يوماً وبعض يوم ثم تهلك، وربما نكحهن الناس في أطيب رائحة وألذ مباضعة.
وبلاد الواق واق لا يسكنها بشر إنما يسقط إليها أهل المراكب الندرة، وهي أكثر الأرض طيباً، وبها تمر وفواكه لا تعرف في غيرها ولا يعلم ما هي، ألذ مأكول وأطيب مشموم، ويليهم أمة بحرية على شبه النساء الحسان، سبط الشعور نواهد الصدور، ويقال لها بنات الماء، لهم قهقهة وضحك وكلام لا يفهم، وقد أولد بعض البحريين واحدة منهن غلاماً وهو مستوثق منها، ثم ظن بعد ولادتها أنها ستألف ابنها ولا تفارقه وأرسلها من وثاقها فتغفلته وتردت في البحر وذهبت سابحة، ثم ظهرت له بعد يوم وألقت إليه صدفاً فيه در نفيس، ثم ولت ذاهبة، فكان ذلك الغلام يعرف بابن البحرية.
وفي جزائر (?) الواق واق الأبنوس الذي لا يفوقه شيء في الجودة.
هو جزيرة بناحية جزيرة صقلية، وبقربها جزيرة أخرى يقال لها ولهذه جزيرتا البركان، وإنما سميت بوادي الخراطين لأن كل خرط بصقلية هناك يخرط بأرحاء الماء.
من أعمال المدينة، وهي مدينة عامرة كثيرة النخل والبساتين والعيون، وبها ناس من ولد جعفر بن أبي طالب، وهم الغالبون عليها ويعرفون بالواديين.
قالوا (?) : ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر انصرف إلى وادي القرى فحاصر أهلها ليالي ثم انصرف راجعاً إلى المدينة. قال أبو هريرة رضي الله عنه: نزلناها أصلاً مع مغرب الشمس، فبينما غلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رحله أتاه سهم غرب فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلا والذي نفس محمد بيده، إن الشملة الآن لتحترق عليه في النار كان غلها من فيء خيبر ". فأتاه رجل بشراكين فقال: أخذتهما لنعلي، فقال: " يقد لك مثلهما من النار ".