وقد ذكره البحتري في قصيدته التي يرثي بها المتوكل فقال:
محلّ على القاطول أَخْلَقَ داثرُهْ ... وكان المعتصم (?) لما ارتاد موضعاً مرَّ بالقاطول فقال: هذا أصلح المواضع فصير الدير المعروف بالقاطول وسط المدينة، وجعل البناء على دجلة وعلى القاطول، وابتدأ البناء وأقطع القواد والكتّاب والناس، فبنوا حتى ارتفع البناء، واختطت الأسواق على القاطول وعلى دجلة وسكن هو في بعض ما بني له، ثم قال: أرض القاطول غير طائلة والبناء بها صعب، ثم ركب يتصيد فمرَّ في سيره إلى سرَّ من رأى، وهي صحراء لا عمارة بها ولا أنيس إلا ديراً للنصارى فبنى فيه مدينة سر من رأى على ما مرَّ في موضعه، والقاطول على خمسة فراسخ من سامرّا.
هي قاعدة الملوك المصريين ودار ملكهم في البلاد المصرية، وهي مدينة محدثة من بناء العبيديين الشيعة الذين كانوا بها وبينها وبين مصر ثلاثة أيام وهي مدينة كبيرة فيها من القصور والمباني ما يعجز الوصف عنه.
وكان الحاكم بأمر الله منهم بنى بين الفسطاط والقاهرة مسجداً عظيماً على ثلاثة مشاهد كانت هناك، وجعل فيه سدنة وخدمة يوقدون فيه السرج الليل كله وذكر أنه كان أراد أن ينقل إليه جسد النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان توجهت له الحيلة في ذلك، غير أن الله سبحانه دفع، وأظهر الله عز وجل أهل المدينة على ذلك وقاية لرسوله صلى الله عليه وسلم وكان بذل الأموال لرجال من شيعته فمشوا إلى المدينة فاشتروا بها داراً وأخذوا ذرع ما بين الدار والقبر واحتفروا سرباً عظيماً حتى كادوا يصلون إلى القبر المكرم فأطلع الله تعالى أهل المدينة على ذلك فقتلوا أولئك الفعلة ومثلوا بهم وردموا ذلك الحفير بالحجار وأفرغوا عليه الرصاص فلا يطمع أحد في الوصول إلى مثل ذلك.
مدينة بالصين أهلها خوارج عن مذهب أهل الصين. وهم يحرقون موتاهم بالنار كما يفعله أهل الهند.
من مدن هراة، وهي مدينة كبيرة كثيرة الأسواق والصنائع وأهلها مياسير ولهم همم في ملابسهم وزيهم، وهي قليلة الأشجار والمياه.
مدينة من بلاد إفريقية بينها وبين القيروان أربع مراحل، وتعد من البلاد الجريدية، وبينها وبين طرابلس ثمانية أيام وهي مدينة كبيرة قديمة عليها سور صخر جليل من بناء الأول، ولها حصن حصين وأرباض واسعة، وفيها فنادق وحمامات، وقد أحاط جميعها خندق كبير يجري إليه الماء إذا خافوا من نزول عدو عليهم، فيكون أمنع شيء، ولها واد يسقي بساتينها وأرضها ومزارعها، وأصل هذا الوادي من عين خرّارة في جبل بين القبلة والغرب، وهو يصب في البحر. وبين مدينة قابس وبين البحر نحو ثلاثة أميال وأكثر جناتها فيما بينها وبين البحر، وهي كثيرة الثمار والتمر والموز بها كثير وليس بإفريقية موز إلا فيها وفيها شجر التوت كثير، ويربى بها الحرير وحريرها أطيب الحرير وأرقه وليس يعمل بإفريقية حرير إلا بها.
وهي مدينة بحرية صحراوية لأن الصحراء منها قريبة، فيقال إنه ما اجتمع في مائدة رجل ثلاثة أشياء متضادة المواضع إلا في مائدة من سكن قابس: يجتمع فيها الحوت الطري، ولحم الغزال الطري والرطب الجني، فهي حاضرة هذا الإقليم وقطبه.
ومن كلام الناس: قابس دمشق المغرب.
وماء قابس (?) شروب يستسيغه أهلها، وبغابتها (?) أشجار وجنات وكروم وزيتون كثير، ويتجهز بزيته إلى النواحي وبها نخل ملتف ورطب لا يعدله شيء في طيبه، وأهلها يجنونه طريّاً ثم