فقلت في نفسي: قد جاء يؤذيني فقعد إلي فأراني حلقه فإذا هو أحمر، فقال لي: يا أبا بكر؟ ما زال معاوية يخنقني في النوم ويقول لي: لم تسبني؟ بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول: ما أعود ما أعود فقال لي: عليك الله أنك لا تعود فقلت: نعم، لا أعود قال أبو بكر: وتاب الرجل ورجع عما كان عليه من سب معاوية رحمه الله. وقال أبو توبة: معاوية ستر بيننا وبين أصحاب النبي، فمن كف عنه فهو عن غيره أكفّ، ومن وقع فيه لم يؤمن أن يرتفع إلى من هو فوقه.
قصر بقابس من إفريقية مشهور، بناه بنو رشيد ابن جامع (?) من العرب الذين وجههم العبيديون إلى إفريقية للإفساد على المعز بن باديس وكان لهم ذكر في صنهاجة، وهم من بني قرة بن هلال بن عامر.
قال الخليل: هو لغةً شاطئ البحر، وسمي العراق بذلك لأنه على شاطئ دجلة والفرات والعراق ما بين هيت إلى السند والصين، إلى الري وخراسان، إلى الديلم، وقيل سمي العراق لأنه مأخوذ من عراقي الدلو.
والكوفة والبصرة تسمى العراقان، فحد أرض العراق ما بين الخزر إلى السواد فسواد الكوفة كسكر إلى الزاب إلى عمل حلوان إلى القادسية وسواد البصرة الأهواز وفارس ودهستان، وهذه كلها من العراق، والعراق وسط الدنيا ومستقر الممالك الجاهلية والإسلامية، وعين الدنيا، وفيه الدجلة والفرات، وهما الرافدان وفيه القواعد العظيمة والأعمال الشريفة.
من ديار مصر في أسفل الأرض، وهي أول مسالح مصر وأعمالها، وهي من سواحل البحر ومن العريش تفترق الطريق فتصير طريقين: طريق الجفار وهو الرمل، وطريق الساحل على البحر فأما طريق الجفار فمن العريش إلى الواردة إلى العذيبة إلى البقارة إلى الفرما، وأما طريق الساحل فمن العريش إلى الدقهلة إلى القيس إلى الفرما، وكانت مدينة العريش ذات جامعين مفترقي المباني، والغالب على أرضها الرمال، ولها ثمار ونخل وفواكه. وروى ابن عطية في تفسيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (?) : " إن الله تعالى بارك فيما بين العريش إلى الفرات، وحصَّن فلسطين بالتقديس ".
مدينة كبيرة في فرضة الهند تتاخم مدينة كابل، وهي كبيرة حصينة عليها سور تراب وخندق وهي كثيرة الأعمال آهلة بها أسواق قائمة وجبايات.
مدينة كبيرة، من ثغور الشام واسعة بينها وبين طبرية يومان.
وهي قاعدة (?) مدن الافرنج بالشام ومحطَ الجواري المنشآت في البحر كالأعلام، مرفأ كل سفينة، والمشبهة في عظمها واحتفالها بالقسطنطينية، مجمع السفن والرفاق وملتقى تجار المسلمين والنصارى من جميع الآفاق، سككها وشوارعها تغص بالزحام، وهي دفرة قذرة، مملوءة كلها رجساً وعذرة، أخذها الفرنج من أيدي المسلمين في العشر الأول من المائة السادسة فعادت مساجدها كنائس، وصوامعها مضارب للنواقس، وطهر الله من مسجدها الجامع بقعة بقيت بأيدي المسلمين مسجداً صغيراً يجتمع الغرباء فيه لإقامة فريضتهم، وعند محرابه قبر النبي صالح عليه السلام، وفي شرقي البلد العين المعروفة بعين البقر وهي التي أخرج الله منها البقر لآدم عليه السلام والمهبط إلى هذه العين على أدراج وطية وعليها مسجد بقي محرابه على حاله، ووضع الافرنج في شرقيه (?) ، محراباً لهم، فالمسلم والكافر يجتمعان فيه، فيستقبل هذا مصلاه، وهذا مُصَلاه، وهو بأيدي النصارى معظم محفوظ.
وهي كثيرة (?) الضياع ولها مرسى حسن مأمون وبها أخلاط من ناس شتى.