صلى الله عليه وسلم وقبر الحسن بن علي رضي الله عنهما، وباب في المغرب يخرج منه إلى العقيق وإلى قبة وبين يدي هذا الباب جدول مياه جارية وداخل هذا الباب في حوزة السور موضع المصلى الذي كان صلى الله عليه وسلم يصلِّي فيه يوم العيد، وباب ما بين الشمال إلى المغرب، وباب آخر يخرج منه إلى قبور الشهداء بأحُد. وحِمى المدينة اثنا عشر ميلاً.

وكانت أمة من العماليق (?) تسمى راسم نزلوا الحجاز، فكان ملكهم بتيماء يقال له الأرقم بن أبي الأرقم، فسكنوا مكة والمدينة والحجاز كله، وعتوا عتواً كبيراً، فلما أظهر الله تعالى موسى على فرعون وأهلك جنوده وطئ الشام وأهله، وبعث بعثاً من بني إسرائيل إلى الحجاز وأمرهم ألا يستبقوا منهم أحداً بلغ الحلم، فقتلوهم حتى انتهوا إلى ملكهم الأرقم بتيماء، فقتلوه إلا ابناً له صغيراً ليرى موسى فيه رأيه، فلما قفلوا به وجدوا موسى عليه السلام قد مات، فقال الناس لهم: عصيتم وخالفتم أمر نبيكم وحالوا بينهم وبين الشام، فقال بعضهم لبعض: خير من بلدكم البلد الذي خرجتم منه وكان الحجاز إذ ذاك أشجر بلاد الله تعالى وأظهره ماء، فكان هذا أول سكنى اليهود الحجاز، فنزل جمهورهم بمكان يقال له يثرب مجتمع السيول وما حول ذلك، واتخذوا الآطام والمنازل، ونزل معهم جماعة من أحياء العرب من بلي وجرْهم، وكانت يثرب

أم قُرى المدينة، وهي ما بين طرفي قبة إلى طرف الجرف؛ ثم لما كان من سيل العزم ما كان تفرق أهل مأرب فأتى الآس والخزرج يثرب فرأوا العدد والعدة الآطام ليهود وسألوهم أن يعقدوا بينهم جواراً وحلفاً يأمن به بعضهم من بعض ويمتنعون به ممن سواهم، فتعاقدوا وتحالفوا واشتركوا وتعاملوا، فلم يزالوا على ذلك زماناً طويلاً، ثم أن الآس والخزرج صارت لهم ثروة ومال وعز جانبهم فخافتهم يهود فقطعوا الحلف، وكانت القوة والعدد فيهم، وخافتهم الآس والخزرج فبعثوا إلى من لهم بالشام، فأذلوا يهود، وكانت يثرب تدعى في الجاهلية غلبة، غلب اليهود عليها العماليق، وغلب الآس والخزرج عليها اليهود، وغلب المهاجرون عليها الآس والخزرج (?) ، وغلبت الأعاجم عليها المهاجرين.

والمدينة (?) في مستو من الأرض سبخة كان عليها سور قديم، وبخارجها خندق محفور، وهي الآن (?) عليها سور حصين منيع من التراب بناه قسيم الدولة الغزي ونقل إليها جملة من الناس، ورتب (?) المير إليها وحولها نخل كثير، وتمرها حسن ومنه يتقوتون في معايشهم، وليس لهم زرع ولا ضرع وشرب أهلها من نهر صغير يأتي إليها من جهة المشرق، جلبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من عين كبيرة إلى شمال المدينة وأجراه بالخندق المحتفر بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015