كنيسة عظيمة عندهم، وهي في ثغور ماردة، وهذه الكنيسة مبنية على جسد يعقوب الحواري، يذكرون أنه قتل في بيت المقدس وأدخله تلامذته في مركب، فجرى به المركب في البحر الشامي إلى أن خرج به إلى البحر المحيط حتى انتهى به إلى موضع الكنيسة بساحل فيه فبنيت الكنيسة عليه وسميت باسمه فيقصد إليها من افرنجة ومن رومة والقسطنطينية ليوم معروف جعل عيداً لها.
وغزا شنت ياقوب عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر سنة سبع وثمانين وثلثمائة، وأوسع أهلها قتلاً وأسراً، وقراها وأسوارها هدماً وإحراقاً، ومن إنشاء القسطلي رسالة إلى الخليفة هشام بن الحكم بن عبد الرحمن يخبره بالفتح ويصف الكنيسة وأرضها وله فيها قصيدة مشهورة (?) .
حصن على أربع مراحل من مرسية بالأندلس في شرقيها مشهور بالمنعة، طرقه في الصلح محمد بن هود سنة أربع عشرة وستمائة ومعه خمسمائة من أجناد الرجال فغدر به، لأن أبا سعيد ابن الشيخ أبي حفص الهنتاتي لما طاف على حصون الأندلس يتفقدها في أيام الهدنة نظر إلى هذا المعقل وهو بارز إلى السماء مع وثاقة بنائه فأعجبه وقال: كيف أخذ الروم هذا الحصن من المسلمين؟ فقيل: غدروا به في زمان الصلح، فقال: أما في أجناد المسلمين من يجاريهم بفعلهم. فسمعه ابن هود فأسرها في نفسه إلى أن تمت له الحيلة، فطلع في سلم من حبال فذبح السامر الذي يحرس بالليل، ولم يزل يطلع رجاله واحداً بعد واحد إلى أن حصلوا بجملتهم في الحصن وفر الروم الذين خلصوا من القتل إلى برج مانع، فقال ابن هود: إن أصبح هؤلاء في هذا البرج جاءهم المدد من كل مكان، فالرأي أن نطلق النيران في بابه، فلما رأوا الدخان وأبصروا اشتعال النار (?) ، طلبوا الصلح على أن يخرجوا بأنفسهم، فكان ذلك، واستولى المسلمون على الحصن، وكان الروم قد أرسلوا في الليل شخصاً دلوه من البرج، فأصبحت الخيل والرجال على الحصن، وقد أحكم المسلمون أمره، فانصرفوا في خجلة وخيبة، وترددت في شأنه المخاطبات إلى مراكش فقال الوزير ابن جامع لابن الفخار (?) : أخذناه في الصلح كما أخذتموه في الصلح، ومن هذه الواقعة اشتهر ابن هود عند أهل شرق الأندلس، وصاروا يقولون: هو (?) الذي استرجع شنفيره.
موضع في بلاد فارس منسوب إلى بوان بن إيران بن سام بن نوح، وبوان هذا هو الذي ينسب إليه شعب بوان، وهو أحد المواضع المشهورة في العالم بالحسن، وإياه عنى أبو الطيب في قوله:
مغاني الشعب طيباً في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمان
مدينة بجزيرة صقلية كثيرة الخصب واسعة المرافق منتظمة الأشجار والأعناب وغيرها، مرتبة الأسواق، وفيها جبل على قنته قلعة لم ير أمنع منها، اتخذوها عدة لأسطول يفجأهم من جهة المسلمين.
مدينة في بلاد إفريقية بمقربة من مدينة الأربس، فيها آثار عظيمة، ويقال إنها كانت من أعظم مدن إفريقية، وكان بها ماء مجلوب، وبقي فيها اليوم مواجل عظيمة ما تغير منها شيء، وفيها عين عظيمة عذبة، ولها سرب كبير تحت الجبل يمشي فيه الفارس بأطول ما يكون من الرماح في يده فلا يلحق سمك ذلك السرب، ويقال إن فيه كنوزاً وأموالاً، ويقال إنه كان بمدينة شقبنارية كنيسة فيها مرآة قد صنعت من أخلاط عجيبة إذا اتهم الرجل أهله بأحد نظر في تلك المرآة فيرى وجه الرجل المتهم. ويقال إنه كان في تلك الناحية رجل بربري يدعي أنه من أهل الخير والصلاح، فاتهم ملك شقبنارية أهله بذلك البربري، فنظر في المرآة فرأى صورة البربري مع امرأته، فأوقف على ذلك الشهود