الدائمة، حتى إنهم صنعوا أرحاء تطحن بالريح لكثرة رياحهم، والرمل في أكثر الأحوال يضربهم.
حبل رمل بين ديار بني عبس وديار بني يربوع، وبزرود أغار حزيمة بن طارق التغلبي على بني يربوع فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزمت تغلب، وأسر حزيمة (?) وفي ذلك يقول الكلحبة اليربوعي من كلمة له (?) :
فقلت لكأس ألجميها فإنما ... حللت الكثيب من زرود لأفزعا ولما وجه عمر رضي الله عنه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لحرب العراق، خرج فنزل فيد فأقام بها شهراً، ثم كتب إليه عمر أن يرتفع إلى زرود، فأتاها فأقام بها، وأتاه ممن حولها من بني تميم بن حنظلة وأتته سعد والرباب وعمرو، وكان ممن أتاه عطارد بن لبيد بن عطارد والزبرقان وحنظلة بن ربيعة اليشكري وربعي بن شبث بن ربعي وهلال بن علقمة التميمي والمنذر بن حسان الضبي، فقالت رؤساء حنظلة: يا بني تميم قد نزل بكم الناس، وهم قبائل الحجاز واليمن وأهل العالية، وقد لزمكم قراهم فشاطروهم الرسل ففعلوا، فمن كانت له لقحتان فض إحداهما عليهم، ومن كان له أكثر فعلى حساب ذلك، فقروهم شتوة بزرود، ونزل الناس معه في أول الشتاء بزرود وتفرقوا فيما حولها، وأقام سعد ينتظر اجتماع الناس، ثم كتب عمر إلى سعد أن سر حتى تنزل شراف واحذر على من معك من المسلمين، إلى أن كان من أمر القادسية ما كان.
قهندز عظيم من أعمال كرمان وهي الشيرجان، كان لمرزبان صرد كرمان ما حواليها من الضياع والرساتيق، وغلب عليها قوم من العرب أيام الجليلان المرزبان، وكان ولاة كرمان من العرب ينزلون الشيرجان، وبينها وبين زرند خمسون فرسخاً ومرزبان زرند في صلحهم يؤدي الخراج إليهم، فورد أعرابي على جليلان المرزبان واسمه محمد بن قرة كما يخرج الأعراب من البادية في يده جراب وعصا، واستأجره الجليلان ترجماناً ينفذ مع من يحمل الخراج إلى الشيرجان، فأنس منه رشداً، فأظهره وعرضه للمنافع حتى أنس به ووثق بناحيته وكسب مالاً وارتبط دواب، وكتب إلى البادية فاستقدم من أهله قوماً، وجعل يحمل المال كل سنة ويؤديه عن المرزبان، فلما كان في بعض السنين اتصل به موت عامل كرمان، وهو قد صدر بالمال ومبلغه ألف ألف ومائتا ألف درهم سوى الهدايا، فجمع هناك أهل بيته وغلمانه. بموضع يقال له جفار طارق، فاتصل الخبر بالجليلات، فأرسل رسولاً فتوعده، فزبر الرسول وطرده، فدعا الجليلان ولده وحاشيته وشاورهم فمنهم من يقول: أنا أذهب فأحمله إليك مقيداً، ومنهم من يقول: نأخذ منه المال ونرسله كما جاء، فقال المرزبان: ليس الوجه هذا، فإن هذه دولة جديدة، وقد جمع لنفسه من لفيف أهل بيته وصار له حشم فلأن نداريه ولا محالة أصلح. فغلب ابن قرة على أكثر ضياعهم وجعل المرزبان خولاً لنفسه وقوي أمره، إلا أنه ترك للمرزبان وأهل بيته ما يعيشون به، فكان هذا سبب ورود العرب الناحية، ثم جعلوا الشيرجان مأواهم وبنوا بها القصور واعتقدوا بها في رساتيقها الضياع.
قرية على تسعة فراسخ من مرو بخراسان، وفيها قتل يزدجرد (?) آخر ملوك الفرس، وهو الذي حاربه المسلمون وخربوا ملكه، وكان آخر أمره أنه فر إلى مرو ونزل بهذه القرية عند طحان هناك متنكراً، فقتله الطحان أو دل عليه، وكان ذلك في أول سنة إحدى وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه، وكان نزل النهر فرآه رجل فقال: خذ خاتمي ومنطقتي وعم عني، فقال: اعطني أربعة دراهم، فقال له: الذي أعطيك أعظم من آلاف، فقال: إنما أريد أربعة دراهم، فضحك وقال: قد كان قيل لي إنك ستحتاج إلى أربعة دراهم ولا تجدها، فهجموا عليه، فقال: لا تقتلوني واحملوني إلى ملك العرب أصالحه عليكم وتأمنون، فأبوا، وقتلوه وألقي جسده في النهر، وبعد ذلك أخرج منه وجعل في تابوت وحمل إلى اصطخر، وفي اسم المرغاب من حرف الميم بقية هذا الخبر.
بطحاء الزلاقة من إقليم بطليوس من غرب الأندلس