كذلك حتى فرغ منهم صلى الله عليه وسلم، فلما دخل صلى الله عليه وسلم المدينة سمع النياحة في دور الأنصار والبكاء، فقال: لكن حمزة لا بواكي له، فمن أجل ذلك يبدأ في المدينة ومكة بحمزة قبل ميتهم.
مدينة على البحر الفارسي تقابل جزيرة أوال وهي بلاد القرامطة، والأحساء مدينة صغيرة وبها أسواق تقوم بها (?) .
وكان أبو القاسم بن زكرويه القرمطي صاحب الشامة ينتهي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وخرج أيام المكتفي بجهة السماوة سنة تسع وثمانين ومائتين، فقوي أمره واشتدت شوكته ثم قتل على مقربة من دمشق، فخرج بعده أخ له فصار يعترض الحجاج وبعث رجلاً ليحارب بصرى وأذرعات، فبعث إليه الخليفة الحسين بن حمدان بن حمدون التغلبي فآل الأمر إلى أن قتل وصلب ببغداد فرجمه الناس. وقيل لهم القرامطة لأنهم نسبوا إلى قرمط بن الأشعث لأنه كان يقرمط خطه أو مشيه على ما ورد، أي يقارب خطوه، وكان أخذ أصل مقالته من رجل يقال له الفرج بن عثمان النصراني كان يزعم أنه داعية المسيح وأنه الكلمة وأنه الدابة المذكورة في القرآن والناقة وروح القدس ويحي بن زكريا والمهدي المنتظر، وزعم أن الصلاة أربع ركعات: ركعتان قبل طلوع الشمس وركعتان قبل غروبها وأن القبلة إلى المقدس والحج إليه، والصوم يومان: المهرجان والنيروز، والجمعة يوم الاثنين لا يعمل فيه شغل، وأن النبيذ حرام والخمر حلال ولا غسل من الجنابة ولا وضوء لصلاة، في تخليط كثير ذكره الناس، وفيه يقول أبو العلاء المعري (?) :
يرتجي القوم أن يقوم إمام ... ناطق في الكتيبة الخرساء
كذب القوم لا إمام سوى العق؟ ... ل مشيراً في صبحه والمساء
كالذي قام يجمع الزنج بالبص؟ ... رة والقرمطي بالأحساء
جزيرة الأحاسي على نحو عشرة أميال من المهدية بإفريقية ذات أحساء بينها وبين البر مجاز قريب كان نزل به الرجار طاغية صقلية في أسطول له أو من ناب عنه متوسلاً إلى المهدية وبلاد المسلمين، وطمع في أن يصادف في المسلمين غرة وينتهز منهم فرصة، وذلك في عام سبعة عشر وخمسمائة، فعكس الله تعالى عليه مقصوده ونصر المسلمين عليه وذلك في سلطان الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس صاحب المهدية، ويكفي في التعريف بخبر هذه الكائنة كتاب الحسن هذا إلى بعض الجهات معلماً بما سناه الله من الفتح (?) فيه " إن الرجار صير أسطوله المخذول نحو المهدية، حماها الله تعالى، في نحو من ثلثمائة مركب حمل على ظهورها ثلاثة آلاف راكب وزهاء ألف فارس، وكان الرجار قد رام إخفاء كيده ومكره فمنع السفر إلى سواحل المسلمين فسقط إلى الساحل مركب من حمالة أسطوله عرفنا من ركابه سريرة حاله، ولم نكن قبل ذلك مهملين لما يقتضيه هذا الحادث من التأهب والاستعداد، واستضمام الأجناد إلى الأجناد، والتحريض على مفترض الجهاد، فاستظهرنا باستضمام العرب المطيفة بنا فأقبلوا أفواجاً أفواجاً، وجاءوا مجيء السيل يعتلج اعتلاجاً، ويتدفق أمواجاً، وكلهم على نيات من الجهاد خالصة، وعزمات غير معردة في مواقف الموت ولا ناكصة، ووصل الأسطول المخذول ونزلوا على عشرة أميال من المهدية بجزيرة هنالك ذات أحساء، بينها وبين البر مجاز متداني العبرين قريب ما بين الشطين، هين مرامه، سهل على الفارس والراجل خوضه واقتحامه، فتبرع إليهم من جندنا ومن انضاف إليهم من العرب المنجدة لنا طائفة أوسعت أعداء الله طعناً وضرباً، وملأت قلوبهم خوفاً ورعباً، فلما عاينوا ما نزل بهم أنزلوا عن ظهور مراكبهم ما كان أبقاه الغرق من أفراسهم وكانت نحو ستمائة فرس، وظنوا أنهم إن امتطوا متونها مستلئمين وصدموا بها جيوش المسلمين أمكنهم بعدها انتهاز فرصة، فأكذب الله ظنونهم وخيب آمالهم وجعل الدائرة عليهم وولوا أدبارهم يرون الهزيمة غنيمة والهرب غلباً، وتركوا أفراسهم ومضاربهم وكثيراً من أسلحتهم وعددهم نهباً مقسماً وفيئاً مغتنماً. والحمد لله الذي أيد الإسلام ونصره، وأعلاه وأظهره ".
هي منازل عاد قيل كانت بالشام، وقيل هي بلاد رمل بين مهرة وعدن، وقيل في بلاد الشحر الموصلة للبحر اليماني، وقيل هي من حضرموت وعمان، والصحيح أن بلاد عاد كانت باليمن ولهم كانت إرم ذات العماد، والأحقاف جمع حقف وهو