ليت شعري ما حال أهلك يا قص ... ر وأين الذين علوا بناكا
ما لأربابك الجبابرة الأملا ... ك شادوك ثم حلوا سواكا
ألزهد يا قصر فيك تحامو ... ك ألا نبني ولست هناكا
ليت شعري وليتني كنت أدري ... ما دهاهم يا قصر ثم دهاكا
ليت أن الزمان خلف منهم ... مخبراً واحداً فاعلم ذاكا ومن خلف هذا جواباً عنهم:
أيها السائل المفكر فيهم ... ما لهذا السؤال قل لي دعاكا
أوما تعرف المنون إذا حل ... ت دياراً فلن تراعي هلاكا
إن في نفسك الضعيفة شغلاً ... فاعتبر وامض فالمنون وراكا
مدينة في أرض سفالة صغيرة على ضفة البحر، وأهلها في ذاتهم قلة وليس في أيديهم شيء يتصرفون به أو يعيشون منه إلا الحديد، فإن بلاد سفالة يوجد في جبالها معادن الحديد الكثيرة، وأهل جزائر الرانج وغيرهم من ساكني الجزائر المطيفة بها يدخلون إليهم ويخرجونه من عندهم إلى سائر بلاد الهند وجزائرها، فيبيعونه بالثمن الجيد لأن بلاد الهند أكثر تصرفهم وتجاراتهم بالحديد، ومع أن الحديد موجود في جزائر الهند ومعادنه بها، فإنه في بلاد سفالة أكثر وأطيب وأرطب، لكن الهنديون يحسنون صنعته وتركيب أخلاط الأدوية منه التي يسبكون بها الحديد اللين، فيعود هندياً ينسب إلى الهند. وبها دار لضرب السيوف وصناعهم يجيدونها فضلاً عن غيرهم من الأمم، وكذلك الحديد السندي (?) والسرنديبي والبينماني في كلها تفاضل بحسب هواء (?) المكان وجودة الصنعة وإحكام السبك والضرب وحسن الصقل والجلاء، لا يوجد شيء من الحديد أمضى من الحديد الهندي، وهذا شيء مشهور لا ينكر. ودندمة هذه إحدى قواعد سفالة.
وبجميع (?) بلاد سفالة يوجد التبر الذي لا يعدل به طيباً وكثرة وعظماً، وهم مع ذلك يفضلون النحاس على الذهب ومنه حليهم، وهذا التبر الموجود في أرض سفالة يوجد منه في التبرة مثقال ومثقالان وأكثر وأقل، وهم يسبكونه بنار أرواث البقر ولا يحتاجون فيه إلى جمع بزئبق ولا غيره كما يفعله أهل المغرب الأقصى، فانهم يؤلفون أجزاء تبرهم ويجمعونها بالزئبق وبعد ذلك يسبكونه بنار الفحم فيذهب الزئبق بالتراب ويبقى التبر مسبوكاً نقياً، وتبر أرض سفالة لا يحتاج إلى ذلك، يسبك بلا صنعة تدخله.
من أعمال الجبل وبالقرب من قاشان، وقيل بين الري وطبرستان، ويقال إن فيه الضحاك الذي يقال له مام، ويقال إنه الذي قال له نوح عليه السلام " يا بني اركب معنا " وهو ذو الأفواه والعجم تدعي الضحاك واليمن تدعيه وتزعم أنه ملك الأرض كلها وملك ألف سنة، ويقال إنه أول من سن الصلب ووضع العشور، ويقال إنه خرج في منكبيه سلعتان كل واحدة منهما كرأس الثعبان تتحركان تحت ثوبه إذا جاع أو غضب، فكان يشتد وجعه حتى يطليهما بدماغ إنسان فكان يقتل لذلك رجلين كل يوم، وكان يقسمهما على الآفاق، وزعموا أيضاً أنه نمرود صاحب إبراهيم عليه السلام، والفرس تزعم أنه بيوراسب الملك الفارسي وأنه ملك الأقاليم السبعة، وزعموا أنه مغلل في جبل دنباوند واتخذ اليوم الذي قيد فيه عيد المهرجان، قيده افريدون رجل من أصحاب أصبهان من أجل ابنين له قتلهما فدعا الناس إلى مجاهدته فأسرعوا إليه ونهدوا إلى الضحاك، فألقى الله الرعب في قلبه وجلا عن منازله. وافريدون أول من ذلل الفيلة وامتطاها ونتج البغال وعالج الترياق. وقد زعم بعضهم أن الضحاك كان في زمن نوح وأنه إليه أرسل.