وبه يدبغ الجلد الغدامسي، ويوجد بوادي درعة حجارة تسمى تامطغيت (?) تحك باليد فتلين إلى أن تأتي في قوام الكتان فتصنع منها القيود للدواب والإمرة، وتغزل وينسج منها مناديل ولا تؤثر فيها النار مثل السمندل، وقد صنع منها لبعض ملوك زناتة كساء فكان عنده من أعظم الذخائر. وذكر البكري عن من أخبره أنه رأى تاجراً قد جلب منه منديلاً لبعض ملوك الروم، وأخبره أنه منديل كان لبعض الحواريين وجعله في النار أمام الملك فلم تؤثر فيه النار، فوصله ذلك الملك عليه بصلة كان فيها غناه إلى آخر الدهر، ويقال إن ذلك الملك بعثه إلى ملك الروم الأعظم وأخبره بخبره فوضعه في الكنيسة العظمى وبعث إليه بصلة سنية، وأمره أن يتوج بتاج بعثه إليه ورفعه على من سواه.
وبين (?) درعة وسجلماسة ثلاث مراحل وليست درعة بمدينة يحوطها سور ولا حفير إنما هي قرى متصلة وعمارات متقاربة ومزارع كثيرة، وفيها أخلاط من البربر، وهي على نهر سجلماسة النازل إليهم وعليه يزدرعون غلات الحناء والكمون والكراويا والنيلج، ونبات الحناء يكبر بها حتى يصير في قوام الشجر يصعدون إليها، ومنها يؤخذ بزره ويتجهز به إلى الجهات، ولا يوجد بزره إلا في هذا الإقليم فقط. وبين درعة والسوس الأقصى أربعة أيام.
هو جبل بين عمورية وطرسوس، وهو الذي عناه امرؤ القيس بقوله:
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وهو حاجز بين بلاد إنطاكية وبلاد طرسوس منتصباً من الغرب إلى الشرق، وفيه أبواب عليها حصون وحراس ترتقب الداخل والخارج، ومن الدرب إلى البذندون، وهو حصن، اثنا عشر ميلاً.
هي آخر البلاد الجريدية، مدينة قديمة بقرب نفطة، وهي كبيرة، والكساء الدرجيني يشبه الكساء السجلماسي في ثوبه ولونه، لكنه دونه في الجودة.
قرية بالأندلس من عمل المرية.
بلد من الثغور المتصلة ببلاد الروم وراء الفرات، وقال عدي بن الرقاع:
فقلت لها كيف اهتديت ودوننا ... دلوك وأشراف الدروب القواهر
من البلاد المصرية في الضفة الشرقية من معظم النيل، تصنع بها اللجم الدلاصية، وهي مدينة صغيرة عامرة جليلة وصناعة الحديد فيها قائمة، وهي قديمة أزلية عجيبة البناء فيها غرائب، وهي كانت مجتمع سحرة مصر، وكانت في أيام القبط كبيرة إلا أنها الآن تسلط عليها البرابر من لواتة وشرار العرب فأفنوا عمارات أطراف هذه البلاد وأفسدوها فقل ساكنوها لذلك.
في غربي النيل على ضفته، وهي قاعدة ملك النوبة، وأهلها سودان، ومن النيل يشرب أهلها، لكنهم أحسن الناس وجوهاً وأجملهم شكلاً وطعامهم الشعير والذرة، والتمر يجلب إليهم من البلاد المجاورة لهم، وشرابهم المزر المتخذ من الذرة.
وبين دمقلة (?) وعمل مصر أربعون يوماً، وهم نصارى يعقوبية ويقرأون الانجيل بلسان الروم الملكانية، وهم يغتسلون من الجنابة، لا يطأون في الحيضة، وملوكهم (?) يتخذون الخيل العتاق، وركوب عوامهم البراذين، ولهم النخل والكروم والذرة والموز والحنطة، والأترج عندهم كثير. وتسير من دمقلة في جبال وشعاب حتى تنتهي إلى صورا وهو آخر بلادهم.