الدين بعساكره وضيق عليه وطال حصاره له، ومع ذلك فالقوافل تمر من مصر إلى بلاد الإفرنج إلى دمشق غير منقطعة واختلاف المسلمين من دمشق إلى عكة كذلك وتجار النصارى أيضاً لا يمنع أحد منهم ولا يتعرض له، وللنصارى على المسلمين ضريبة يؤدونها في بلادهم، وهي من الأمن على غاية، وتجار النصارى أيضاً يؤدون في بلاد المسلمين على سلعتهم والاتفاق بينهم في ذلك والاعتدال في جميع الأحوال، وأهل الحرب مشتغلون بحربهم والناس في عافية والدنيا لمن غلب، هذه سيرة أهل هذه البلاد في بلادهم في حربهم وفي الفتنة الواقعة بين أمراء المسلمين وملوكهم كذلك.

حصن الحمة (?) :

بجزيرة صقلية، وهو بلد كبير فيه حمامات كثيرة قد فجرها الله سبحانه وتعالى ينابيع في الأرض وأسالها عناصر لا يكاد البدن يحتملها لإفراط حرها.

حصن منصور (?) :

مدينة في الثغور الجزرية قريبة من سميساط، وهي مدينة رومية عليها سور حجارة وبها مستقر الولاة، ونسب الحصن إلى منصور بن جعونة بن الحارث العامري تولى بناءها ومرمته (?) وكان يتولى الرها أول دولة بني العباس، فحصرهم المنصور وفتحها فهرب منصور ثم أمن فظهر، فلما بلغ عبد الله بن علي سار معه فولاه شرطته، فلما هرب عبد الله استتر منصور فدل عليه المنصور فقتله بالرقة منصرفه من بيت المقدس، وبنى الرشيد حصن منصور في خلافة المهدي وشحنه بالرجال.

حصن ثوبة (?) :

باليمن، ويقال إن فيه قبر هود النبي عليه الصلاة والسلام، وقال أبو الطفيل: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: رأيت كثيباً أحمر تخالطه مدرة حمراء وأراك وسدر كثير بناحية كذا من حضرموت هل رأيته؟ قلت: نعم والله إنك لتنعت نعت رجل رآه، قال: لا ولكن حدثت عنه وفيه قبر هود عليه الصلاة والسلام، وعند رأسه سدر أو سلم، وقيل بل قبره بمهرة.

وكانت كندة (?) ارتدت بحضرموت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليه وفدهم مسلمين استعمل عليهم زياد بن لبيد الأنصاري فأقام معهم في ديارهم يأخذ صدقاتهم حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما مات ارتدوا، وقاتلهم زياد وكايدهم حتى حكم عليهم وسنذكر ذلك بأبسط من هذا في ذكر النجير وهي فيما ذكر حضرموت أو حصن بها.

وزعموا أن بحضرموت النسناس وأنه كمثل نصف الإنسان بيد واحدة ورجل واحدة يثب وثباً ويعدو عدواً شديداً وأنه يغتذي بجميع النبات ويصبر على العطش، ورووا خبراً عن شبيب بن شبة بن الحارث التميمي (?) قال: قدمت الشحر على رئيسها فتذاكرنا النسناس فقال: استعدوا فإنا خارجون في قنصهم، فلما خرجنا ألظ كلبان بواحد منها وله وجه كوجه الإنسان وشعرات في ذقنه (?) ورجلاه كرجلي الإنسان، فجعل يعدو وهو يقول:

الويل لي مما به دهاني ... دهري من الهموم والأحزن ... قفا قليلاً أيها الكلبان ... إليكما حتى تجارياني ... لو في (?) شباب ما ملكتماني ... لكن قضاء الملك الرحمان ... يذل ذا العزة والسلطان ... فالتقيا به فأخذاه، فقال قائل من شجرة: سبحان الله ما أشد حمرة دمه، قالوا: نسناس خذوه، فأجاب آخر من شجرة فقال: كان يأكل السماق، فقالوا: خذوه، فأخذوه، وقالوا: لو سكت لم يعلم مكانه، فقال آخر: أنا صامت، فقالوا: نسناس خذوه، فقال آخر: يا إنسان (?) احفظ رأسك، قالوا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015