زحف منها واشتد القتال قال المسلمون: يا براء أقسم على ربك ليهزمهم، فقال البراء بن مالك: اللهم اهزمهم لنا واستشهدني، فهزموهم حتى أدخلوهم خنادقهم ثم اقتحموها عليهم وأرزوا إلى مدينتهم فأحاط المسلمون بها وضاقت المدينة بهم وطالت حربهم، فخرج رجل إلى النعمان واستأمنه على أن يدله على مدخل يدخل منه إلى المدينة ويكون منه فتحها فأمنه النعمان فدلهم على مخرج الماء فنهدوا إلى ذلك المخرج فدخل منه من دخل وكبر المسلمون من خارج وفتحت الأبواب، ورضي الهرمزان أن ينزل على حكم عمر رضي الله عنه فشدوه وثاقاً واقتسموا ما أفاء الله عليهم فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف والراجل ألفاً، وخرج المسلمون بالهرمزان إلى المدينة وقد هيئوه في هيئته فألبسوه كسوته من الديباج ووضعوا على رأسه تاجاً مكللاً بالياقوت كيما يراه عمر رضي الله عنه في هيئته، ثم خرجوا به على الناس يريدون عمر في منزله فلم يجدوه فسألوا عنه فقيل لهم جلس في المسجد لوفد قدموا عليه، فانطلقوا إلى المسجد فلم يجدوه إلى أن دلوهم عليه في جهة من المسجد نائماً، فكان من أمره مع الهرمزان وإسلام الهرمزان ما هو مشهور، وفي الخبر طول.
مدينة في المغرب في جهة أصيلة وهي مدينة قديمة فيها آثار كثيرة للأول، وهي على نظر واسع كثير الخصب والزرع والضرع وهي تمير (?) بلاد الأندلس، وبقربها بحيرة كبيرة تسمى أمسنا يصب فيها ماء البحر سبعة أعوام وتصب هي في البحر سبعة أعوام وينقطع البحر فتظهر فيها جزائر بينها غدران يتصيد فيها أنواع السمك، وبين البحر والبحيرة مسجد مقصود معظم يسكن حوله النساك وأهل الخير وأمرهم مشهور بتلك الناحية معروف.
في " مختصر العين " تهامة: مكة، والنازل متهم، والصحيح أن مكة من تهامة كما أن المدينة من نجد، وقيل (?) أرض تهامة قطعة من اليمن وهي جبال مشتبكة أولها في البحر القلزمي ومشرفة عليه وحدودها في غربيها بحر القلزم وفي شرقيها جبال متصلة من الجنوب إلى الشمال، وطول أرض تهامة من الشرجة إلى عدن على الساحل اثنتا عشرة مرحلة، وفي شرقيها مدينة صعدة وجرش ونجران، وفي شمالها مكة وجدة وفي جنوبها صنعاء نحو عشرين مرحلة. وسميت تهامة لتغير هوائها من قولهم تهم الدهن وتمه إذا تغير ريحه.
وينسب إلى تهامة علي بن محمد التهامي الشاعر (?) صاحب القصيدة الرائعة المشهورة في رثاء ابنه التي أولها (?) :
حكم المنية في البرية جار ... ما دارك الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبراً ... حتى يرى خبراً من الأخبار يقول فيها:
يا كوكباً ما كان أقصر عمره ... وكذاك حكم كواكب الأسحار وهي طويلة، وكان التهامي هذا الشاعر من مشهوري دولة الحاكم صاحب مصر، ورام التوثب على الملك وقال (?) :
سأطلب العلاء بكل ليث ... له زأر بذكر الله وحده
له مما تصوغ الهند ناب ... ومما حاكه داود لبده
يرد الرمح أزرق ذا احمرار ... كمقلة أزرق كحلت برمده ثم تجول في أمراء أعراب الشام، ومدح ولاة الحاكم ومدح الوزير ابن المغربي وعرض بالحاكم وسارت له أشعار أحقدت قلب الحاكم فوضع له من زين له الوصول إلى مصر، فعندما وقعت العين عليه حبس في خزانة البنود حتى مات، قالوا: وهو أشعر من