الرهن، وأحب أهل بياسة إخراج الروم عن قصبتهم فداخلوا صاحب جيان: عمر بن عيسى بن أبي حفص بن يحيى وسألوه المسير إليهم في جموعه، فجاءهم بحشوده ومعه محمد بن يوسف المسكدالي، فدخلوا بياسة، وأما من كان بالقصبة من الروم فلم يبالوا شيئاً، وأما من كان منهم بالمدينة فأتى عليه القتل بعد أن أبلوا في الدفاع، إلا أنهم غلبوا بالكثرة، وبقي أهل القصبة لا يستطيع أحد الوصول إليهم لحصانتها، ولو أراد الله تعالى لوفق هذا الوالي إلى المقام، فإن أهل القصبة لم يكن عندهم شيء يقتاتونه إلا ما يأتيهم من المدينة مياومة، فلو مكث عليها يوماً أو يومين لضاقوا وخرجوا، ولم يكن أهل ملتهم نصروهم إلا في مدة بعيدة لبعد المسافة، ولكن أبى المقدار إلا أن يفرغ في يومه ذاك ولم يجسر على المبيت ليلة واحدة، وظن أن الفجاج ترميه بالخيل والرجال، فقال لأهل البلد: أنا راجع فمن أحب أن يخرج فليخرج ومن أحب أن يقعد فليقعد، فرغبوا أن يمكث يوماً أو يومين فأبى عليهم إلا الرجوع في يومه، فلم يكن لأهل البلد بد من فراق بلدهم والخروج عن نعمتهم، فتفرقوا في البلاد وبقي الروم في جميع المدينة وملكوها كلها.
ومن أهل بياسة الأديب التاريخي أبو الحجاج يوسف بن إبراهيم البياسي (?) مصنف كتاب " الإعلام بحروب الإسلام " وغيره من تصانيفه.
مدينة بالأندلس من عمل غرناطة، كان عبد الله صاحب بياسة من بني عبد المؤمن وهو المعروف بالبياسي استدعى عدو الدين لما نزل عليه العادل ببياسة، فحاصره فأقلع عنه دون شيء، فلما لم يجد في المسلمين كبير إعانة استدعى النصارى فوصلوا إليه، فسلم إلى ألفنش بياسة وجازى أهلها شر الجزاء، بعد ما آووه ونصروه، فأخرجهم منها وسار مع الفنش ليأخذ معاقل الإسلام باسمه، فدخل قيجاطة من عمل جيان بالسيف، فقتل العدو فيها خلقاً كثيراً وأسر آخرين، وكان حديثها شنيعاً تنفر منه القلوب والأسماع، ثم نهض أيضاً ومعه العدو إلى لوشة من عمل غرناطة، فاعتصم أهلها بسورها الحصين وقاتلوا أشد القتال، وأسمعوه ما أهاج غيظه، فلما تمكن منها سلط عليهم عدوهم في الدين ففتكوا بهم أشد الفتك، ثم ساروا إلى بيغو هذه فأطال مع الفنش حصارها إلى أن دخل البلد بعد شدة وصالحه أهل القلعة، وما زال أمره يقوى إلى أن احتوى على قرطبة ومالقة وكثير من معاقل هاتين القاعدتين وبلادهما، فخاف منه العادل باشبيلية وجمع من عنده من الجند ونظر في كفه عن جهته، وكان ذلك في سنة اثنتين وعشرين وستمائة.
مدينه بين نهر تيرى ومناذر من ناحية فارس فتحت على يد أبي موسى في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
بيروت (?) :
في ساحل الشام وهي مرابط دمشق، وفيها كان أبو الدرداء رضي الله عنه نازلاً، قال الأوزاعي: كان عندنا ببيروت عجائب، ذكر عن رجل ممن يوثق به أنه رأى رجلاً راكباً جرادة، وذكر من عظم الرجل وعظم الجرادة، قال: وعليه خفان طويلان أحمران، وهو يقول: الدنيا باطل وباطل ما فيها، ويقول بيده هكذا فحيثما أشار انساب الجراد إلى ذلك الموضع. قال: وكان عندنا رجل صياد يسافر يوم الجمعة ولا يأتي الجمعة، قال: فخرج يوماً فخسف به وببغلته فلم يبق منها إلا أذنها، قال محمد بن بشر: ورأيت موضع مكانه ببيروت يلقى فيه التراب. وفي رواية أخرى قال الأوزاعي: رأيت ببيروت ثلاث عجيبات: رأيت رجلاً من جراد في الماء وإذا رجل راكب على جرادة مسلك بالحديد وفي يده عصا وهو يومئ بيده وهو يقول: الدنيا باطل، يرددها. ورأيت رجلاً يكتب المصاحف بخط جيد في ستة أيام، فكتب مصحفاً فقال: كتبته في ستة أيام وما مسنا من لغوب، فجفت يمينه، ورأيت رجلاً شاباً كان يأوي في المسجد حسن العبادة حسن الصمت قليل الكلام، فكان يلزم المسجد، فخرج ذات يوم من المسجد بعد أن أغلقت الأبواب فجاء إلى باب المدينة فوقف عليه ساعة، فإذا هو قد انفتح له وخرج وخرجت معه حتى وقف على شجر بلوط كثير، فصعد شجرة فجعل يأكل ويرمي إلى الأرض فما يسمع صوت شيء يقع في الأرض، فجئت إليه فقلت: السلام عليكم، فقال: وعليك السلام أبا عمرو، أتحب؟ قلت: نعم، فأخذ ملء كفه فدفعها إلي فإذا هو رطب، فأكلت ثم غاب عني فلم أره.