رواه عن هؤلاء عن الزهري، ويبعد أن يكون كلهم دلّسوه عن سفيان ولم يسمعوه من الزهري. وهذا يحيى بن سعيد مع تثبُّته وإتقانه يرويه كذلك عن الزهري، وكذلك موسى بن عقبة، فلأي شيءٍ يحكم للمرسلين على الواصلين؟! وقد كان ابن عيينة مصرًّا على وصله، ونُوظِرَ فيه فقال: الزهري حدثنيه مرارًا، ... ". أهـ كلام ابن القيم.
وممّن رجّح الوصل: البيهقي فقال في سننه: "وقد اختُلِفَ على ابن جريج ومعمر في وصل الحديث، فرُوي عن كلِّ منهما الحديث موصولًا، ورُوي مرسلًا. واختُلِفَ فيه على عقيل ويونس بن يزيد، فقيل: عن كلِّ واحدٍ منهما: عن الزهري موصولًا وقيل مرسلًا. ومن استقرّ على وصله ولم يُختلف عليه فيه هو: سفيان بن عيينة، حُجّةٌ ثقةٌ". أهـ.
ورجّحه النووي في المجموع (5/ 279) فقال: "والذي وصله سفيان بن عيينة وهو إمامٌ". أهـ. وابن جماعة في "تخريج الرافعي" (ق 159/ ب) فقال: "وتابع سفيان بن عيينة على وصل الحديث: منصور وبكر وغير واحدٍ، فتَرجَّح بذلك الوصلُ". أهـ.
ومنهم من رجّح الوصل على أنه زيادةٌ من ثقة كالمنذري في "مختصر السنن" (4/ 315) (?) حيث قال: "وقد قيل: سفيان بن عيينة من الحفّاظ الأثبات، وقد أتى بزيادةٍ على مَنْ أَرسل فوجب تقديمُ قوله". أهـ.
وقد تعقّبه ابن القيم في "التهذيب" بقوله: "ومثلُ هذا -يعني مقالة المنذري- لا يعبأُ به أئمة الحديث شيئًا، ولم يخفَ عليهم أن سفيان حجَّةٌ ثقة، وأنّه قد وصله، فلَمْ يستدرك عليهم المتأخرون شيئًا لم يعرفوه! ". أهـ (?).