المغرب، قد جعلها محطّاً لرحال العلماء ومنزلًا لكثيرٍ من الفضلاء، فلا يخرج مشرقي إلى المغرب أو مغربي إلى المشرق إلا ومرّ بها في الكثير الغالب.
ولذلك فقد نشأ تمام في بيئةٍ تكثرُ فيها حِلَقُ العلم ومجالس إملاء الحديث، وكان من الطبيعي أن يُشارك فيها، لا سيَّما أن والده كان من علماء دمشق ومؤرخيها، قال عنه الذهبي: جمع وصنّف وأرّخ، وأفاد الرّفاق وأفنى عُمُره في الطلب (?). وكثيراً ما يَنقل عنه ابن عساكر في وفيات العلماء والمحدثين (?).
وقد كان لوالد تمام دورٌ كبير في توجيهه إلى طلب العلم وسماع الحديث، فقد اعتنى بتسميعه الحديث من مشايخ دمشق منذ صغره، وأقدمُ سماعٍ له للحديث كان في شهر رجب من سنة (338)، حيث سمع من الحسن بن حبيب الحصائري وذلك قُبيل وفاته بثلاثة أشهر (?)! ومن أحمد بن محمَّد بن فَضالة وذلك قبل وفاته بعام (?)، وكان تمام آنذاك في الثامنة من عمره.
ولذا فقد شارك تمامُ والدَه في الرواية عن جماعة من الشيوخ (?)، وكان لذلك أثرٌ واضحٌ في علو أسانيد تمام بالنسبة لأبناء طبقته، فقد تُوفي جماعة من شيوخه وهو لم يجاوز العاشرة بعدُ! وما كان لتمام أن يصلَ إلى ذلك لو أنه نشأ في أسرةٍ لا تعرفُ الرواية ولا تشتغلُ بالحديث.