. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فِي الْمَحْسُوسَاتِ عُبّرَ بِهَا عَنْ هَذَا الْمَعْنَى مُبَالَغَةً وَتَأْكِيدًا كَمَا قَالَ الشّاعِرُ:
فَمَا زِلْت فِي لِينِي [لَهُ] وَتَعَطّفِي ... عَلَيْهِ، كَمَا تَحْنُو عَلَى الْوَلَدِ الْأُمّ
وَمِنْهُ قِيلَ: صَلّيْت عَلَى الْمَيّتِ أَيْ: دَعَوْت لَهُ دُعَاءَ مَنْ يَحْنُو عَلَيْهِ وَيَتَعَطّفُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ لَا تَكُونُ الصّلَاةُ بِمَعْنَى الدّعَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ: لَا تَقُولُ: صَلّيْت عَلَى الْعَدُوّ، أَيْ: دَعَوْت عَلَيْهِ. إنّمَا يُقَالُ: صَلّيْت عَلَيْهِ فِي مَعْنَى الْحُنُوّ وَالرّحْمَةِ وَالْعَطْفِ؛ لِأَنّهَا فِي الْأَصْلِ انْعِطَافٌ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ عُدّيَتْ فِي اللّفْظِ بِعَلَى، فَتَقُولُ: صَلّيْت عَلَيْهِ، أَيْ: حَنَوْت عَلَيْهِ، وَلَا تَقُولُ فِي الدّعَاءِ إلّا: دَعَوْت لَهُ، فَتُعَدّي الْفِعْلَ بِاللّامِ، إلّا أَنْ تُرِيدَ الشّرّ وَالدّعَاءَ عَلَى الْعَدُوّ، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الصّلَاةِ وَالدّعَاءِ، وَأَهْلُ اللّغَةِ لَمْ يُفَرّقُوا، وَلَكِنْ قَالُوا: الصّلَاةُ بِمَعْنَى الدّعَاءِ إطْلَاقًا، وَلَمْ يُفَرّقُوا بَيْنَ حَالٍ وَحَالٍ، وَلَا ذكروا التعدى باللام، ولا بعلى، ولابد مِنْ تَقْيِيدِ الْعِبَارَةِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ يَكُونُ الْحَدَبُ أَيْضًا مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَى الْمُخَالَفَةِ إذَا قرن بالقعس كقول الشاعر: