قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ دَخَلَ النّاسُ فِي الْإِسْلَامِ أَرْسَالًا مِنْ الرّجَالِ وَالنّسَاءِ، حَتّى فَشَا ذِكْرُ الْإِسْلَامِ بِمَكّةَ، وَتُحَدّثَ بِهِ. ثُمّ إنّ اللهَ- عَزّ وَجَلّ- أَمَرَ رَسُولَهُ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- أَنْ يَصْدَعَ بِمَا جَاءَهُ مِنْهُ، وَأَنْ يُبَادِيَ النّاسَ بِأَمْرِهِ، وَأَنْ يَدْعُوَ إلَيْهِ، وَكَانَ بَيْنَ مَا أَخْفَى رَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- أَمْرَهُ، وَاسْتَتَرَ بِهِ إلَى أَنْ أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِإِظْهَارِ دِينِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ- فِيمَا بَلَغَنِي- مِنْ مَبْعَثِهِ، ثُمّ قَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُ: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ الحجر: 94. وَقَالَ تَعَالَى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ الشعراء: 215: 217
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تَرَى السّرْحَانَ مُفْتَرِشًا يَدَيْهِ ... كَأَنّ بَيَاضَ لَبّتِهِ صَدِيعُ (?)
عَلَى هَذَا تَأَوّلَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَعَانِي، وَقَالَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ: الصّدِيعُ فِي هَذَا الْبَيْتِ: ثَوْبٌ أَسْوَدُ تَلْبَسُهُ النّوّاحَةُ تَحْتَهُ ثَوْبٌ أَبْيَضُ، وَتَصْدَعُ الْأَسْوَدَ عِنْدَ صَدْرِهَا فَيَبْدُو الْأَبْيَضُ، وَأَنْشَدَ:
كَأَنّهُنّ (?) إذْ وَرَدْنَ لِيعَا ... نَوّاحَةٌ مُجْتَابَةٌ صديعا