. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يُونُسُ أَيْضًا أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ قَالَ لِرَجُلِ سَبّ وَرَقَةَ: أَمَا عَلِمَتْ أَنّي رَأَيْت لِوَرَقَةِ جنّة أو جنتين، وهذا الحديث الأخبر قد أسنده البزار (?) .

لقد خيشت عَلَى نَفْسِي:

فَصْلٌ: وَفِي الصّحِيحِ أَنّهُ قَالَ لِخَدِيجَةَ: لَقَدْ خَشِيت عَلَى نَفْسِي، وَتَكَلّمَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْخَشْيَةِ بِأَقْوَالِ كَثِيرَةٍ، فَذَهَبَ أبوبكر الْإِسْمَاعِيلِيّ (?) إلَى أَنّ هَذِهِ الْخَشْيَةَ كَانَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنّ الّذِي جَاءَهُ مَلَكٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَكَانَ أَشَقّ شَيْءٍ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ عَنْهُ: مَجْنُونٌ، وَلَمْ يَرَ الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنّ هَذَا مُحَالٌ فِي مَبْدَإِ الْأَمْرِ؛ لِأَنّ الْعِلْمَ الضّرُورِيّ قَدْ لَا يَحْصُلُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَضَرَبَ مَثَلًا بِالْبَيْتِ مِنْ الشّعْرِ تَسْمَعُ أَوّلَهُ، فَلَا تَدْرِي أَنَظْمٌ هُوَ أَمْ نَثْرٌ، فَإِذَا اسْتَمَرّ الْإِنْشَادُ، عَلِمْت قَطْعًا أَنّهُ قَصَدَ بِهِ قَصْدَ الشّعْرِ، كَذَلِكَ لَمّا اسْتَمَرّ الْوَحْيُ وَاقْتَرَنَتْ بِهِ الْقَرَائِنُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْعِلْمِ الْقَطْعِيّ، حَصَلَ الْعِلْمُ الْقَطْعِيّ، وَقَدْ أَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْعِلْمِ فَقَالَ: (آمَنَ الرّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) إلَى قَوْلِهِ: (وملائكته وكتبه ورسله) فإبمانه بِاَللهِ وَبِمَلَائِكَتِهِ إيمَانٌ كَسْبِيّ مَوْعُودٌ عَلَيْهِ بِالثّوَابِ الْجَزِيلِ، كَمَا وَعَدَ عَلَى سَائِرِ أَفْعَالِهِ الْمُكْتَسِبَةِ كَانَتْ مِنْ أَفْعَالِ الْقَلْبِ أَوْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ: لَقَدْ خَشِيت عَلَى نَفْسِي، أَيْ: خَشِيت أَلّا أَنْهَضَ بِأَعْبَاءِ النّبُوّةِ، وَأَنْ أَضْعُفَ عَنْهَا، ثُمّ أَزَالَ اللهُ خَشْيَتَهُ، وَرَزَقَهُ الْأَيْدَ وَالْقُوّةَ وَالثّبَاتَ وَالْعِصْمَةَ، وَقَدْ قِيلَ:

إنّ خَشْيَتَهُ كَانَتْ مِنْ قَوْمِهِ أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَلَا غَرْوَ، فَإِنّهُ بَشَرٌ يَخْشَى مِنْ الْقَتْلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015