. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التّقَذّرُ، إنّمَا هُوَ تَبَاعُدٌ عَنْ الْقَذَرِ، وَأَمّا التّحَنّفُ بِالْفَاءِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ التّبَرّرِ؛ لِأَنّهُ مِنْ الْحَنِيفِيّةِ دِينِ إبْرَاهِيمَ، وَإِنْ كَانَ الْفَاءُ مُبْدَلَةً مِنْ الثّاءِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ التّقَذّرِ وَالتّأَثّمِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ هِشَامٍ، وَاحْتَجّ بِجَدَفٍ وَجَدَثٍ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ رُؤْبَةَ: لَوْ كَانَ أَحْجَارِي مَعَ الْأَجْدَافِ، وَفِي بَيْتِ رُؤْبَةَ هَذَا شَاهِدٌ وَرَدّ عَلَى ابْنِ جِنّي حَيْثُ زَعَمَ فِي سِرّ الصّنَاعَةِ أَنّ جَدَفَ بِالْفَاءِ لَا يُجْمَعُ عَلَى أَجْدَافٍ، وَاحْتَجّ بِهَذَا لِمَذْهَبِهِ فِي أَنّ الثّاءَ هِيَ الْأَصْلُ، وَقَوْلُ رُؤْبَةَ (?) رَدّ عَلَيْهِ، وَاَلّذِي نَذْهَبُ إلَيْهِ أَنّ الْفَاءَ هِيَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْحَرْفِ، لِأَنّهُ مِنْ الْجَدْفِ وَهُوَ الْقَطْعُ، وَمِنْهُ مِجْدَافُ السّفِينَةِ، وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ فِي وَصْفِ الْجِنّ: شَرَابُهُمْ الْجَدَفُ وَهِيَ الرّغْوَةُ، لأنها تجدف من الْمَاءِ، وَقِيلَ: هِيَ نَبَاتٌ يُقْطَعُ وَيُؤْكَلُ.
وَقِيلَ: كُلّ إنَاءٍ كُشِفَ عَنْهُ غِطَاؤُهُ: جَدَفٌ، وَالْجَدَفُ: الْقَبْرُ مِنْ هَذَا، فَلَهُ مَادّةٌ وَأَصْلٌ فِي الِاشْتِقَاقِ، فَأَجْدَرُ بِأَنْ تَكُونَ الْفَاءُ هِيَ الْأَصْلَ وَالِثَاءُ دَاخِلَةً عَلَيْهَا. (?)
حَوْلَ مُجَاوَرَتِهِ فِي حِرَاءٍ:
وَقَوْلُهُ: يُجَاوِرُ فِي حِرَاءٍ إلَى آخِرِ الْكَلَامِ. الجوار بالكسر فى معنى المجاورة