. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَنَدِمَ، وَجَعَلَ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ بِمِخْصَرَةِ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: وَدِدْت أَنّي تَرَكْت أَبَا خُبَيْبٍ، وَمَا تَحَمّلَ مِنْ ذَلِكَ، فَهَذِهِ الْمَرّةُ الْخَامِسَةُ، فَلَمّا قَامَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ، وَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَهَا عَلَى مَا بَنَاهَا ابْنُ الزّبَيْرِ، وَشَاوَرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ:
أَنْشُدُك اللهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْ تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ بَعْدَك، لَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُغَيّرَهُ إلّا غَيّرَهُ (?) فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ قُلُوبِ النّاسِ، فَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ فِيهِ، وَقَدْ قِيلَ: إنّهُ بُنِيَ فِي أَيّامِ جُرْهُمَ مَرّةً أَوْ مَرّتَيْنِ؛ لِأَنّ السّيْلَ كَانَ قَدْ صَدّعَ حَائِطَهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بُنْيَانًا عَلَى نَحْوِ مَا قَدّمْنَا، إنّمَا كَانَ إصْلَاحًا لِمَا وَهَى مِنْهُ، وَجِدَارًا بُنِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السّيْلِ، بَنَاهُ عَامِرٌ الْجَارُودُ (?) ، وَقَدْ تَقَدّمَ هَذَا الْخَبَرُ، وَكَانَتْ الْكَعْبَةُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهَا شِيثُ عَلَيْهِ السلام خيمة من يا قوتة حَمْرَاءَ يَطُوفُ بِهَا آدَمُ، وَيَأْنَسُ إلَيْهَا؛ لِأَنّهَا أُنْزِلَتْ إلَيْهِ مِنْ الْجَنّةِ، وَكَانَ قَدْ حَجّ إلَى مَوْضِعِهَا مِنْ الْهِنْدِ، وَقَدْ قِيلَ: إنّ آدَمَ هُوَ أَوّلُ مَنْ بَنَاهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْبَكّائِيّ. وَفِي الْخَبَرِ أَنّ مَوْضِعَهَا كَانَ غُثَاءَةً عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ السّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَلَمّا بَدَأَ اللهُ بِخَلْقِ الْأَشْيَاءِ خَلَقَ التّرْبَةَ قَبْلَ السّمَاءِ، فلما