. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

تَحْقِيقُ مَعْنَى الْوَسَطِ:

وَقَوْلُ خَدِيجَةَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: لِسِطَتِك فِي عَشِيرَتِك، وَقَوْلُهُ فِي وَصْفِهَا:

هِيَ أَوْسَطُ قُرَيْشٍ نَسَبًا. فَالسّطَةُ: مِنْ الْوَسَطِ، مَصْدَرٌ كَالْعِدَةِ وَالزّنَةِ، وَالْوَسَطُ مِنْ أَوْصَافِ الْمَدْحِ وَالتّفْضِيلِ، وَلَكِنْ فِي مَقَامَيْنِ: فِي ذِكْرِ النّسَبِ، وَفِي ذِكْرِ الشّهَادَةِ. أَمّا النّسَبُ؛ فَلِأَنّ أَوْسَطَ القبيلة أعرفها، وأولادها بِالصّمِيمِ وَأَبْعَدُهَا عَنْ الْأَطْرَافِ وَالْوَسِيطِ، وَأَجْدَرُ أَنْ لَا تُضَافَ إلَيْهِ الدّعْوَةُ؛ لِأَنّ الْآبَاءَ وَالْأُمّهَاتِ قَدْ أَحَاطُوا بِهِ مِنْ كُلّ جَانِبٍ، فَكَانَ الْوَسَطُ مِنْ أَجَلّ هَذَا مَدْحًا فِي النّسَبِ بِهَذَا السّبَبِ، وَأَمّا الشّهَادَةُ فَنَحْوَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: (قَالَ أَوْسَطُهُمْ) وَقَوْلِهِ:

وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ الْبَقَرَةُ: 143 فَكَانَ هَذَا مدحا فى الشهادة؛ لأنها غاية العد الة فِي الشّاهِدِ أَنْ يَكُونَ وَسَطًا كَالْمِيزَانِ، لَا يَمِيلُ مَعَ أَحَدٍ، بَلْ يُصَمّمُ عَلَى الْحَقّ تَصْمِيمًا، لَا يَجْذِبُهُ هَوًى، وَلَا يَمِيلُ بِهِ رغبة، ولا رهبة من ههنا، ولا من ههنا، فَكَانَ وَصْفُهُ بِالْوَسَطِ غَايَةً فِي التّزْكِيَةِ وَالتّعْدِيلِ، وَظَنّ كَثِيرٌ مِنْ النّاسِ أَنّ مَعْنَى الْأَوْسَطِ: الْأَفْضَلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقَالُوا: مَعْنَى الصّلَاةِ الْوُسْطَى: الْفُضْلَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ فِي جَمِيعِ الأوصاف لامدح ولاذمّ، كَمَا يَقْتَضِي لَفْظُ التّوَسّطِ، فَإِذَا كَانَ وَسَطًا فِي السّمَنِ، فَهِيَ بَيْنَ الْمُمِخّةِ (?) وَالْعَجْفَاءِ. وَالْوَسَطُ فى الجمال بين الحسناء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015