. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَهَذَا الْخَبَرُ يُرْوَى عَنْهُ- عَلَيْهِ السّلَامُ- عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنّهُ شُقّ عَنْ قَلْبِهِ، وَهُوَ مَعَ رَابّتِهِ وَمُرْضِعَتِهِ فِي بَنِي سَعْدٍ، وَأَنّهُ جِيءَ بِطَسْتِ مِنْ ذَهَبٍ، فِيهِ ثَلْجٌ فَغُسِلَ بِهِ قَلْبُهُ، وَالثّانِي فِيهِ: أَنّهُ غُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَأَنّ ذَلِكَ كَانَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ حِينَ عرج به إلى السماء بعد ما بُعِثَ بِأَعْوَامِ، وَفِيهِ أَنّهُ أُتِيَ بِطَسْتِ مِنْ ذهب ممتلىء حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأُفْرِغَ فِي قَلْبِهِ. وَذَكَرَ بَعْضُ مَنْ أَلّفَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ أَنّهُ تَعَارَضَ فِي الرّوَايَتَيْنِ، وَجَعَلَ يَأْخُذُ فِي تَرْجِيحِ الرّوَاةِ وَتَغْلِيطِ بَعْضِهِمْ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ كَانَ هَذَا التّقْدِيسُ وَهَذَا التّطْهِيرُ مَرّتَيْنِ.
الْأُولَى: فِي حَالِ الطّفُولِيّةِ لِيُنَقّى قَلْبُهُ مِنْ مَغْمَزِ الشّيْطَانِ، وَلِيُطَهّرَ وَيُقَدّسَ مِنْ كُلّ خُلُقٍ ذَمِيمٍ، حَتّى لَا يَتَلَبّسَ بِشَيْءِ مِمّا يُعَابُ عَلَى الرّجَالِ، وَحَتّى لَا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ إلّا التّوْحِيدُ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ: فَوَلّيَا عَنّي، يَعْنِي: الْمَلَكَيْنِ، وَكَأَنّي أُعَايِنُ الْأَمْرَ مُعَايَنَةً.
وَالثّانِيَةُ: فِي حَالِ الاكتهال، وبعد ما نبّىء، وعند ما أَرَادَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْحَضْرَةِ الْمُقَدّسَةِ الّتِي لَا يَصْعَدُ إلَيْهَا إلّا مُقَدّسٌ، وَعُرِجَ به هنالك