. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فَضَرَبَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- خَمْسِينَ جَلْدَةً، وَذَلِكَ أَنّ اللهَ عَزّ وَجَلّ جَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ إخْوَةً، وَلَا يُقَالُ إلّا كَمَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا لَلّهِ وَيَا لَلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنّهُمْ كُلّهُمْ حِزْبٌ وَاحِدٌ، وَإِخْوَةٌ فِي الدّينِ إلّا مَا خَصّ الشّرْعُ بِهِ أَهْلَ حِلْفِ الْفُضُولِ، وَالْأَصْلُ فِي تَخْصِيصِهِ قَوْلُهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَوْ دُعِيت بِهِ الْيَوْمَ لَأَجَبْت (?) يُرِيدُ: لَوْ قَالَ قَائِلٌ مِنْ الْمَظْلُومِينَ: يَا لَحِلْفِ الْفُضُولِ لَأَجَبْت، وَذَلِكَ أَنّ الْإِسْلَامَ إنّمَا جَاءَ بِإِقَامَةِ الْحَقّ وَنُصْرَةِ الْمَظْلُومِينَ، فَلَمْ يَزْدَدْ بِهِ هَذَا الْحِلْفُ إلّا قُوّةً، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ: «وَمَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ، فَلَنْ يَزِيدَهُ الْإِسْلَامُ إلّا شِدّةً» لَيْسَ مَعْنَاهُ: أَنْ يَقُولَ الْحَلِيفُ: يَا لَفُلَانٍ لِحُلَفَائِهِ، فَيُجِيبُوهُ، بَلْ الشّدّةُ الّتِي عَنَى رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنّمَا هِيَ رَاجِعَةٌ إلَى مَعْنَى التّوَاصُلِ وَالتّعَاطُفِ وَالتّآلُفِ، وَأَمّا دَعْوَى الْجَاهِلِيّةِ، فَقَدْ رَفَعَهَا الْإِسْلَامُ إلّا مَا كَانَ مِنْ حِلْفِ الْفُضُولِ كَمَا قَدّمْنَا، فَحُكْمُهُ بَاقٍ، وَالدّعْوَةُ بِهِ جَائِزَةٌ، وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنّ الْحَلِيفَ يَعْقِلُ مَعَ العاقلة إذا وجبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015