من الحق والباطل، ومن الإيمان والكفر، ومن وحى الرحمن، ووسوسة الشيطان، ثم أظهرته فى عماية التاريخ تزعم أنه مطيّب بروح السماء. وإذا كان هذا هو المفروض علينا حيال أى تراث، فما بالنا ونحن مع تراث يقص سيرة النبوة الخاتمة، سيرة الإنسانية الكاملة، وهى تسلك السبيل الأقوم على نور الوحى وهدايته، سيرة محمد- صلى الله عليه وسلم- وهو يطبق القرآن أول تطبيق وأعظم تطبيق ليكون للبشرية المؤمنة شرعا ومنهاجا، يطبقه فى اعتقاده وعبادته وخلقه، وسلوكه فى الحياة. كل هذا فى أصدق إيمان، وأشرف إرادة، وأقدس غاية ونية، فكانت سنته- عليه الصلاة والسلام- الآية على السلوك الذى به تهتدى وتشرف الحياة، وتضئ بأعظم القيم.
وكانت سيرته السيرة التى تجذب إليها بالحب الصدوق، والإعجاب الودود كل مشاعر النفس ونوازع الحس، وتفرض بالحب على الفكر الحر الذى لم تزغه حمية جاهلية، أو ضلالة صليبية أن يسجد خاشعا لله الذى خلق هذا الإنسان، واصطفاه خاتما للنبيين.
فإذا وجدنا نصوص التراث آيات حقّ أحببنا التراث وأكبرناه، وإذا لم نجده كذلك فماذا نفعل؟ هذا بعض ما يعرض من قضايا أمام العقل والقلب، ولقد استهديت- للفصل فيها فصلا قويما- بهدى القرآن، فإننا نراه يقص علينا مفتريات عبدة الهوى والإثم. ثم يكر عليها بالحجة التى تزهق الباطل؛ لهذا تركت النص كما هو فى شعور جعلنى أو من أننى لو نلت منه- حين يصدم ما أدين به- فإنى أنال من قدسية الحقيقة. هذا والإنسان الذى يكتب عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- يخشى على نفسه أن تجمح به عاطفة مشبوبة أو مجنونة تسحرها خلابة التصورات التى يفتن بها الهوى عبيده، أو يخشى عليها من شطط الفكر المغرور بنفسه، فإن استبدّت تلك العاطفة بزمامه استهواه