. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَنْتَ وَأُمّي طِبْت حَيّا وَمَيّتًا، وَانْقَطَعَ لِمَوْتِك مَا لَمْ يَنْقَطِعْ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ النّبُوّةِ، فَعَظُمْت عَنْ الصّفّةِ، وَجَلَلْت عَنْ الْبُكَاءِ، وَخَصَصْت حَتّى صِرْت مَسْلَاةً، وَعَمَمْت حَتّى صِرْنَا فِيك سَوَاءً، وَلَوْ أَنّ مَوْتَك كَانَ اخْتِيَارًا لَجُدْنَا لِمَوْتِك بِالنّفُوسِ، وَلَوْلَا أَنّك نَهَيْت عن البكاء لأنفدنا عليك ماء الشئون، فأما مالا نَسْتَطِيعُ نَفِيَهُ فَكَمَدٌ وَإِدْنَافٌ يَتَحَالَفَانِ لَا يَبْرَحَانِ، اللهُمّ أَبْلِغْهُ عَنّا، اُذْكُرْنَا يَا مُحَمّدُ عِنْدَ رَبّك، وَلْنَكُنْ مِنْ بَالِك (?) ، فَلَوْلَا مَا خَلّفْت مِنْ السّكِينَةِ، لَمْ نَقُمْ لِمَا خَلّفْت مِنْ الْوَحْشَةِ، اللهُمّ أَبْلِغْ نَبِيّك عَنّا، وَاحْفَظْهُ فِينَا، ثُمّ خَرَجَ لَمّا قَضَى النّاسُ غَمَرَاتِهِمْ، وَقَامَ خَطِيبًا فِيهِمْ بِخُطْبَةِ جُلّهَا الصّلَاةُ عَلَى النّبِيّ مُحَمّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَاتَمُ أَنْبِيَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنّ الْكِتَابَ كَمَا نَزَلَ، وَأَنّ الدّينَ كَمَا شُرِعَ، وَأَنّ الْحَدِيثَ كَمَا حُدّثَ، وَأَنّ الْقَوْلَ كَمَا قَالَ، وَأَنّ اللهَ هُوَ الْحَقّ الْمُبِينُ، فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ، ثُمّ قَالَ: أَيّهَا النّاسُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمّدًا، فَإِنّ مُحَمّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنّ اللهَ حَيّ لَمْ يَمُتْ، وَأَنّ اللهَ قَدْ تَقَدّمَ لَكُمْ فِي أَمْرِهِ، فَلَا تَدْعُوهُ جَزَعًا، وَأَنّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ اخْتَارَ لِنَبِيّهِ عَلَيْهِ السّلَامُ مَا عِنْدَهُ عَلَى مَا عِنْدَكُمْ، وَقَبَضَهُ إلَى ثَوَابِهِ، وَخَلّفَ فِيكُمْ كِتَابَهُ وَسُنّةَ نَبِيّهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِمَا عَرَفَ، وَمَنْ فَرّقَ بَيْنَهُمَا أَنْكَرَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَشْغَلَنّكُمْ الشّيْطَانُ بِمَوْتِ نَبِيّكُمْ وَلَا يَلْفِتَنّكُمْ عن دينكم، وعاجلوا