. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَمْرٌو الْجُلَنْدَى:
وَأَمّا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي، فَقَدِمَ عَلَى الْجُلَنْدَى (?) ، فَقَالَ لَهُ: يَا جُلَنْدَى إنّك وَإِنْ كُنْت مِنّا بَعِيدًا، فَإِنّك مِنْ اللهِ غَيْرُ بَعِيدٍ، إنّ الّذِي تَفَرّدَ بِخَلْقِك أَهْلٌ أَنْ تُفْرِدَهُ بِعِبَادَتِك، وَأَنْ لَا تُشْرِكَ بِهِ مَنْ لَمْ يُشْرِكْهُ فِيك، وَاعْلَمْ أَنّهُ يُمِيتُك الّذِي أَحْيَاك، وَيُعِيدُك الّذِي بَدَأَك، فَانْظُرْ فِي هَذَا النّبِيّ الْأُمّيّ الّذِي جَاءَ بِالدّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ بِهِ أَجْرًا فَامْنَعْهُ، أَوْ يَمِيلُ بِهِ هَوًى فَدَعْهُ، ثُمّ اُنْظُرْ فِيمَا يَجِيءُ بِهِ: هَلْ يُشْبِهُ مَا يَجِيءُ بِهِ النّاسُ، فَإِنْ كَانَ يُشْبِهُهُ، فَسَلْهُ الْعِيَانَ، وَتَخَيّرْ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُشْبِهُهُ فَاقْبَلْ مَا قَالَ، وَخَفْ مَا وَعَدَ، قَالَ الْجُلَنْدَى: إنّهُ وَاَللهِ لَقَدْ دَلّنِي عَلَى هَذَا النّبِيّ الْأُمّيّ أَنّهُ لَا يَأْمُرُ بِخَيْرٍ إلّا كَانَ أَوّلَ مَنْ أَخَذَ بِهِ، وَلَا يَنْهَى عَنْ شَرّ إلّا كَانَ أَوّلَ تَارِكٍ لَهُ، وَأَنّهُ يَغْلِبُ فَلَا يَبْطَرُ، وَيُغْلَبُ فَلَا يَضْجَرُ (?) وَأَنّهُ يَفِي بِالْعَهْدِ، وَيُنْجِزُ الْمَوْعُودَ، وَأَنّهُ لَا يَزَالُ سِرّ قَدْ اطّلَعَ عَلَيْهِ يُسَاوِي فِيهِ أهله، وأشهد أنه نبى (?) .