. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلَى مَنْ دَبّرَ خَلْقَ السّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْمَسِيحُ فِي بَطْنِ أُمّهِ، وَأَدْعُوك إلَى هَذَا النّبِيّ الْأُمّيّ الّذِي بَشّرَ بِهِ مُوسَى، وَبَشّرَ بِهِ عيسى بن مَرْيَمَ بَعْدَهُ، وَعِنْدَك مِنْ ذَلِكَ أَثَارَةٌ مِنْ عِلْمٍ تَكْفِي مِنْ الْعِيَانِ وَتَشْفِي مِنْ الْخَبَرِ، فَإِنْ أَجَبْت كَانَتْ لَك الدّنْيَا وَالْآخِرَةُ، وَإِلّا ذَهَبَتْ عَنْك الْآخِرَةُ وَشُورِكْت فِي الدّنْيَا، وَاعْلَمْ أَنّ لَك رَبّا يَقْصِمُ الْجَبَابِرَةَ، وَيُغَيّرُ النّعَمَ» ، فَأَخَذَ قَيْصَرُ الْكِتَابَ فَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَرَأْسِهِ وَقَبّلَهُ، ثُمّ قَالَ: أَمَا وَاَللهِ مَا تَرَكْت كِتَابًا إلّا وَقَرَأْته، وَلَا عَالِمًا إلّا سَأَلْته، فَمَا رَأَيْت إلّا خَيْرًا، فَأَمْهِلْنِي حَتّى أَنْظُرَ مَنْ كَانَ الْمَسِيحُ يُصَلّي لَهُ، فَإِنّي أَكْرَهُ أَنْ أُجِيبَك الْيَوْمَ بِأَمْرٍ أَرَى غَدًا مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ، فَأَرْجِعَ عَنْهُ، فَيَضُرّنِي ذَلِكَ، وَلَا يَنْفَعَنِي، أَقِمْ حَتّى أَنْظُرَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ أَتَاهُ وَفَاةُ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بَقِيّةُ حَدِيثِ قَيْصَرَ، فَانْظُرْهُ هُنَالِكَ.
رَسُولُهُ إلَى الْمُقَوْقِسِ:
وَأَمّا حَاطِبٌ فَقَدِمَ عَلَى الْمُقَوْقِسِ، وَاسْمُهُ: جُرَيْجُ بْنُ مِينَاءَ (?) ، فَقَالَ لَهُ:
«إنّهُ قَدْ كَانَ رَجُلٌ قَبْلَك يَزْعُمُ أَنّهُ الرّبّ الْأَعْلَى، فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ، وَالْأُولَى، فَانْتَقَمَ بِهِ، ثُمّ انْتَقَمَ مِنْهُ، فَاعْتَبِرْ بِغَيْرِك، وَلَا يَعْتَبِرْ بِك غَيْرُك، قال: هات، قال: إن لك دينا لَنْ تَدَعَهُ إلّا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ (?) ، الْكَافِي بِهِ اللهُ فَقْدَ مَا سِوَاهُ. إنّ هَذَا النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-