فَدَسّتْ إلَيْهِ: أَتَتَزَوّجُنِي إنْ فَتَحْتُ لَك بَابَ الْحَضْرِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَلَمّا أَمْسَى سَاطِرُونَ شَرِبَ حَتّى سَكِرَ، وَكَانَ لَا يَبِيتُ إلّا سَكْرَانَ، فَأَخَذَتْ مَفَاتِيحَ بَابِ الْحَضْرِ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ، فَبَعَثَتْ بِهَا مَعَ مَوْلًى لَهَا فَفَتَحَ الْبَابَ، فَدَخَلَ سَابُورُ، فَقَتَلَ سَاطِرُونَ، وَاسْتَبَاحَ الْحَضْرَ وَخَرّبَهُ، وَسَارَ بِهَا مَعَهُ فَتَزَوّجَهَا، فَبَيْنَا هِيَ نَائِمَةٌ عَلَى فِرَاشِهَا لَيْلًا إذْ جَعَلَتْ تَتَمَلْمَلُ لَا تَنَامُ، فَدَعَا لَهَا بِشَمْعِ، فَفُتّشَ فِرَاشُهَا، فَوُجِدَ عَلَيْهِ وَرَقَةُ آسٍ، فَقَالَ لَهَا سَابُورُ: أَهَذَا الّذِي أَسْهَرَك؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:
فَمَا كَانَ أَبُوك يَصْنَعُ بِكِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَفْرِشُ لِي الدّيبَاجَ، وَيُلْبِسُنِي الْحَرِيرَ، وَيُطْعِمُنِي الْمُخّ، وَيَسْقِينِي الْخَمْرَ، قَالَ: أَفَكَانَ جَزَاءُ أَبِيك مَا صَنَعْتِ بِهِ؟ أَنْتَ إلَيّ بِذَلِكَ أَسْرَعُ، ثُمّ أَمَرَ بِهَا، فَرُبِطَتْ قُرُونُ رَأْسِهَا بِذَنَبِ فَرَسٍ، ثُمّ رَكَضَ الْفَرَسُ، حَتّى قَتَلَهَا، فَفِيهِ يَقُولُ أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
أَلَمْ تَرَ لِلْحَضْرِ إذْ أَهْلُهُ ... بِنُعْمَى، وَهَلْ خَالِدٌ مِنْ نِعَمْ
أَقَامَ بِهِ شَاهَبُورُ الجنو ... د حَوْلَيْنِ تُضْرَبُ فِيهِ الْقُدُمْ
فَلَمّا دَعَا رَبّهُ دَعْوَةً ... أَنَابَ إلَيْهِ فَلَمْ يَنْتَقِمْ
وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فى قصيدة له.
وَقَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ:
وَالْحَضْرُ صَابَتْ عَلَيْهِ دَاهِيَةٌ ... مِنْ فَوْقِهِ أَيّدٌ مَنَاكِبُهَا
رَبِيّةَ لَمْ تُوَقّ وَالِدَهَا ... لِحَيْنِهَا إذْ أَضَاعَ رَاقِبُهَا
إذْ غَبَقَتْهُ صَهْبَاءَ صَافِيَةً ... وَالْخَمْرُ وَهَلْ يهيم شاربها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مُلَخّصًا بِعَوْنِ اللهِ. السّاطِرُونُ بالسريانية: هُوَ الْمَلِكُ، واسم الساطرون: