أَحْمَرَ، بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمْحٍ لَهُ طَوِيلٍ، أَمَامَ هَوَازِنَ، وَهَوَازِنُ خَلْفَهُ، إذَا أَدْرَكَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، وَإِذَا فَاتَهُ النّاسُ رَفَعَ رمحه لمن وراءه فاتّبعوه.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا انْهَزَمَ النّاسُ وَرَأَى مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جُفَاةِ أَهْلِ مَكّةَ الْهَزِيمَةَ، تَكَلّمَ رِجَالٌ مِنْهُمْ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ الضّغْنِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: لَا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبَحْرِ، وَإِنّ الْأَزْلَامَ لَمَعَهُ فِي كِنَانَتِهِ. وَصَرَخَ جَبَلَةُ بْنُ الْحَنْبَلِ- قال ابن هشام: كلدة ابن الحنبل- وهو مع أَخِيهِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيّةَ مُشْرِكٌ فِي الْمُدّةِ الّتِي جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: أَلَا بَطَلَ السّحْرُ الْيَوْمَ! فَقَالَ له صفوان:
اسكت فضّ الله فاك، فو الله لَأَنْ يَرُبّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبّ إلَيّ مِنْ أَنْ يَرُبّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ.
[شِعْرُ حَسّانَ فِي هِجَاءِ كَلَدَةَ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَهْجُو كَلَدَةَ:
رَأَيْتُ سَوَادًا مِنْ بَعِيدٍ فَرَاعَنِي ... أَبُو حَنْبَلٍ يَنْزُو عَلَى أُمّ حَنْبَلِ
كَأَنّ الّذِي يَنْزُو بِهِ فَوْقَ بَطْنِهَا ... ذِرَاعُ قَلُوصٍ مِنْ نِتَاجِ ابْنِ عِزْهِلِ
أَنْشَدَنَا أَبُو زَيْدٍ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، وَذَكَرَ لَنَا أَنّهُ هَجَا بِهِمَا صَفْوَانَ بْنَ أميّة، وكان أخا كلدة لأمّه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .