. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

لَا حَقِيقَةَ لِلْخَيَالِ، فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى أَنّهُ هو الطّيف، وهو توهّم ونخيّل، فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ لَهُ حَقِيقَةٌ قُلْت فِيهِ: طَائِفٌ، وَفِي مَصْدَرِهِ: طَيْفٌ كَمَا فِي التّنْزِيلِ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ الْأَعْرَافِ: 201 وَقَدْ قُرِئَ أَيْضًا طَيْفٌ مِنْ الشّيْطَان، لِأَنّ غُرُورَ الشّيْطَانِ وَأَمَانِيّهُ تُشَبّهُ بِالْخَيَالِ، وَمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ.

وَأَمّا قوله: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ ن: 19 فَلَيْسَ فِيهِ إلّا اسْمُ الْفَاعِلِ دُونَ الْمَصْدَرِ، لِأَنّ الّذِي طَافَ عَلَيْهَا لَهُ حَقِيقَةٌ، وَهُوَ فَاعِلٌ مَعْرُوفٌ بِالْفِعْلِ، يُقَالُ إنّهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ، فَتَحَصّلَ مِنْ هَذَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ:

الْخَيَالُ وَلَا حَقِيقَةَ لَهُ، فَلَا يُعَبّرُ عَنْهُ إلّا بِالطّيْفِ، وَحَدِيثُ الشّيْطَانِ وَوَسْوَسَتُهُ، يُقَالُ فِيهِ: طَائِفٌ وَطَيْفٌ، وَكُلّ طَائِفٍ سِوَى هَذَيْنِ فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ، لَا يُعَبّرُ عَنْهُ بِطَيْفِ، وَلَا بِطَوَافِ، فَقِفْ عَلَى هَذِهِ النّكْتَةِ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ: يُؤَرّقُنِي إذَا ذَهَبَ الْعِشَاءُ، أَيْ: يُسَهّرُنِي، فَيُقَالُ: كَيْفَ يُسَهّرُهُ الطّيْفُ، وَالطّيْفُ حُلْمٌ فِي الْمَنَامِ؟.

فَالْجَوَابُ: أَنّ الّذِي يُؤَرّقُهُ لَوْعَةٌ يَجِدُهَا عِنْدَ زَوَالِهِ كَمَا قَالَ [حَبِيبُ بْنُ أَوْسٍ أَبُو تَمّامٍ] الطّائِيّ:

ظَبْيٌ تَقَنّصْتُهُ لَمّا نَصَبْت لَهُ ... مِنْ آخِرِ اللّيْلِ أَشْرَاكًا مِنْ الْحُلْمِ

ثُمّ انْثَنَى، وَبِنَا مِنْ ذِكْرِهِ سَقَمٌ ... بَاقٍ، وَإِنْ كَانَ معسولا من السّقم (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015