. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ: أَمّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، أَرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي شِدّةِ أَدَبِهِ لِأَهْلِهِ، فَكَلَامُهُ كُلّهُ حَقّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي مِثْلِ قَوْلِ الشّاعِرِ [طُفَيْلٍ الْغَنَوِيّ] :
إذَا مَا غَضِبْنَا غَضْبَةً مُضَرِيّةً ... هَتَكْنَا حِجَابَ الشّمْسِ، أَوْ قَطَرَتْ دَمًا (?)
قَالَ: إنّمَا أَرَادَ فَعَلْنَا فِعْلَةً شَنِيعَةً عَظِيمَةً، فَضَرَبَ الْمَثَلَ بِهَتْكِ حِجَابِ الشّمْسِ، وَفُهِمَ مَقْصِدُهُ، فَلَمْ يَكُنْ كَذِبًا، وَإِنّمَا الْكَذِبُ أَنْ يَقُولَ: فَعَلْنَا، وَهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا، وَقَتَلْنَا وَهُمْ لَمْ يَقْتُلُوا.
مِنْ شِعْرِ حَسّانٍ فِي رِثَاءِ جَعْفَرٍ:
وَذَكَرَ أَبْيَاتِ حَسّانٍ، وَفِي بَعْضِهَا تَضْمِينٌ، نَحْوَ قَوْلِهِ: وَأَذَلّهَا، ثُمّ قَالَ فِي أَوّلِ بَيْتٍ آخَرَ: لِلْحَقّ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي بَيْتٍ آخَرَ: وَأَقَلّهَا، وَقَالَ فِي الّذِي بَعْدَهُ:
فُحْشًا، وَهَذَا يُسَمّى التّضْمِينُ.
وَذَكَرَ قُدَامَةُ فِي كِتَابِ نَقْدِ الشّعْرِ أَنّهُ عَيْبٌ عِنْدَ الشّعَرَاءِ، وَلَعَمْرِي إنّ فِيهِ مَقَالًا، لِأَنّ آخِرَ الْبَيْتِ يُوقَفُ عَلَيْهِ، فَيُوهِمُ الذّمّ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: وَأَذَلّهَا، وَكَذَلِكَ، وَأَقَلّهَا، وَقَدْ غَلَبَ الزّبْرِقَانُ عَلَى الْمُخَبّلِ السّعْدِيّ (?) ، وَاسْمُهُ:
كَعْبٌ بِكَلِمَةِ قَالَهَا الْمُخَبّلُ أَشْعَرَ مِنْهُ، وَلَكِنّهُ لَمّا قال يهجوه: