وَاعْتَادَنِي حُزْنٌ فَبِتّ كَأَنّنِي ... بِبَنَاتِ نَعْشٍ وَالسّمَاكِ مُوَكّلُ
وَكَأَنّمَا بَيْنَ الْجَوَانِحِ وَالْحَشَى ... مِمّا تَأَوّبَنِي شِهَابٌ مُدْخَلُ
وَجْدًا عَلَى النّفَرِ الّذِينَ تَتَابَعُوا ... يوما بمؤتة أُسْنِدُوا لَمْ يُنْقَلُوا
صَلّى الْإِلَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ فِتْيَةٍ ... وَسَقَى عِظَامَهُمْ الْغَمَامُ الْمُسْبِلُ
صَبَرُوا بِمُؤْتَة لِلْإِلَهِ نُفُوسَهُمْ ... حَذَرَ الرّدَى وَمَخَافَةً أَنْ يَنْكُلُوا
فَمَضَوْا أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ كَأَنّهُمْ ... فُنُقٌ عَلَيْهِنّ الْحَدِيدُ الْمُرْفَلُ
إذْ يَهْتَدُونَ بِجَعْفَرٍ وَلِوَائِهِ ... قُدّامَ أَوّلِهِمْ فَنِعْمَ الْأَوّلُ
حَتّى تَفَرّجَتْ الصّفُوفُ وَجَعْفَرٌ ... حَيْثُ التقى وعث الصّفوف مجدّل
فتغيّر القمر المنبر لِفَقْدِهِ ... وَالشّمْسُ قَدْ كَسَفَتْ وَكَادَتْ تَأْفِلُ
قَرْمٌ عَلَا بُنْيَانُهُ مِنْ هَاشِمٍ ... فَرْعًا أَشَمّ وَسُؤْدُدًا مَا يُنْقَلُ
قَوْمٌ بِهِمْ عَصَمَ الْإِلَهُ عِبَادَهُ ... وَعَلَيْهِمْ نَزَلَ الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ
فَضَلُوا الْمَعَاشِرَ عِزّةً وَتَكَرّمًا ... وَتَغَمّدَتْ أَحْلَامُهُمْ مَنْ يَجْهَلُ
لَا يُطْلِقُونَ إلَى السّفَاهِ حُبَاهُمْ ... وَيُرَى خَطِيبُهُمْ بِحَقّ يَفْصِلُ
بِيضُ الْوُجُوهِ تُرَى بُطُونُ أَكُفّهِمْ ... تَنْدَى إذَا اعْتَذَرَ الزّمَانُ الْمُمْحِلُ
وَبِهَدْيِهِمْ رَضِيَ الْإِلَهُ لِخَلْقِهِ ... وَبِجَدّهِمْ نُصِرَ النّبِيّ الْمُرْسَلُ
[شِعْرُ حَسّانَ فِي بُكَاءِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ]
وَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَبْكِي جَعْفَرَ بن أبى طالب رضى الله عنه:
وَلَقَدْ بَكَيْتُ وَعَزّ مُهْلَكُ جَعْفَرٍ ... حِبّ النّبِيّ عَلَى الْبَرِيّةِ كُلّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .