. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَفْدِي الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ.
اسْتِعْمَالُ الْكَلِمَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا:
وَأَقْرَبُ مَا قِيلَ فِيهِ مِنْ الْأَقْوَالِ إلَى الصّوَابِ أَنّهَا كَلِمَةٌ يُتَرْجَمُ بِهَا عَنْ مَحَبّةٍ وَتَعْظِيمٍ، فَجَازَ أَنْ يُخَاطَبَ بِهَا مَنْ لَا يَجُوزُ فِي حَقّهِ الْفِدَاءُ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ قَصْدًا لِإِظْهَارِ الْمَحَبّةِ وَالتّعْظِيمِ (?) لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْكَلِمَةِ مَا ذَكَرْنَا، فَرُبّ كَلِمَةٍ تُرِكَ أَصْلُهَا، واستعملت كالمثل فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ أَوّلَ، كَمَا جاؤا بِلَفْظِ الْقَسَمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْقَسَمِ، إذَا أَرَادُوا تَعَجّبًا وَاسْتِعْظَامًا لِأَمْرِ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيّ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ. أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ، وَمُحَالٌ أَنْ يَقْصِدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَسَمَ بِغَيْرِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لَا سِيّمَا بِرَجُلِ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ، وَإِنّمَا هُوَ تَعَجّبٌ مِنْ قَوْلِ الْأَعْرَابِيّ، وَالْمُتَعَجّبُ مِنْهُ هُوَ مُسْتَعْظَمٌ، وَلَفْظُ الْقَسَمِ فِي أَصْلِ وَضْعِهِ لِمَا يُعَظّمُ، فَاتّسَعَ فِي اللفظ حتى قيل على هذا الْوَجْهِ. وَقَالَ الشّاعِرُ:
فَإِنْ تَكُ لَيْلَى اسْتَوْدَعَتْنِي أَمَانَةً ... فَلَا وَأَبِي أَعْدَائِهَا لَا أَخُونُهَا
لَمْ يُرِدْ أَنْ يُقْسِمَ بِأَبِي أَعْدَائِهَا، وَلَكِنّهُ ضَرْبٌ مِنْ التّعَجّبِ، وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ شُرّاحِ الْحَدِيثِ إلَى النّسْخِ فِي قَوْله أَفْلَحَ وَأَبِيهِ، قَالُوا نَسَخَهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ: لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَهَذَا قَوْلٌ لَا يَصِحّ، لِأَنّهُ لَمْ يَثْبُتْ أن النبي صلى الله عليه وسلم- كان يَحْلِفُ قَبْلَ النّسْخِ بِغَيْرِ اللهِ، وَيُقْسِمُ بِقَوْمِ كُفّارٍ، وَمَا أَبْعَدَ هَذَا مِنْ شِيمَتِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَاللهِ مَا فَعَلَ هَذَا قط (?) ، ولا كان