[خزاعة فى عهد محمد، وبنو بَكْرٍ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ]
فَتَوَاثَبَتْ خُزَاعَةُ فَقَالُوا: نَحْنُ فِي عَقْدِ مُحَمّدٍ وَعَهْدِهِ، وَتَوَاثَبَتْ بَنُو بَكْرٍ، فَقَالُوا: نَحْنُ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ، وَأَنّك تَرْجِعُ عَنّا عَامَك هَذَا، فَلَا تَدْخُلُ عَلَيْنَا مَكّةَ، وَأَنّهُ إذَا كَانَ عَامُ قَابِلٍ، خَرَجْنَا عَنْك فَدَخَلْتهَا بِأَصْحَابِك، فَأَقَمْتَ بِهَا ثَلَاثًا، مَعَك سِلَاحُ الرّاكِبِ، السّيُوفُ فِي الْقُرُبِ، لَا تدخلها بغيرها.
فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ هُوَ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، إذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو يَرْسُفَ فِي الْحَدِيدِ، قَدْ انْفَلَتَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم خَرَجُوا وَهُمْ لَا يَشُكّونَ فِي الْفَتْحِ، لِرُؤْيَا رَآهَا رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فَلَمّا رَأَوْا مَا رَأَوْا مِنْ الصّلْحِ وَالرّجُوعِ، وَمَا تَحَمّلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي نَفْسِهِ دَخَلَ عَلَى النّاسِ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، حَتّى كَادُوا يُهْلِكُونَ:
فَلَمّا رَأَى سُهَيْلٌ أَبَا جَنْدَلٍ قَامَ إلَيْهِ فَضَرَبَ وَجْهَهُ، وَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ؛ ثُمّ قَالَ:
يَا مُحَمّدُ؛ قَدْ لَجّتْ الْقَضِيّةُ بَيْنِي وَبَيْنَك قَبْل أَنْ يَأْتِيَك هَذَا؛ قَالَ: صَدَقْتَ، فَجَعَلَ يَنْتُرُهُ بِتَلْبِيبِهِ، وَيَجُرّهُ لِيَرُدّهُ إلَى قُرَيْشٍ، وَجَعَلَ أَبُو جَنْدَلٍ يَصْرُخُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَأُرَدّ إلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونِي فِي دِينِي؟ فَزَادَ ذَلِكَ النّاسَ إلَى مَا بِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا جَنْدَلٍ؛ اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ فَإِنّ اللهَ جَاعِلٌ لَك وَلِمَنْ مَعَك مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، إنّا قَدْ عَقَدْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ صُلْحًا، وَأَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَعْطَوْنَا عَهْدَ اللهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .