قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ عَدّلَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم الصفوف، ورجع إلى العريش فَدَخَلَهُ، وَمَعَهُ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ، لَيْسَ مَعَهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَرَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُنَاشِدُ رَبّهُ مَا وَعَدَهُ مِنْ النّصْرِ، وَيَقُولُ فِيمَا يَقُولُ: اللهُمّ إنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ الْيَوْمَ لَا تُعْبَدْ، وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: يَا نَبِيّ اللهِ: بَعْضَ مُنَاشَدَتُك رَبّك، فَإِنّ اللهَ مُنَجّزٌ لَك مَا وَعَدَك. وَقَدْ خَفَقَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خففة وَهُوَ فِي الْعَرِيشِ، ثُمّ انْتَبَهَ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَتَاك نَصْرُ اللهِ. هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِعَنَانِ فَرَسٍ يَقُودُهُ، عَلَى ثَنَايَاهُ النّقع.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ رُمِيَ مِهْجَعٌ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّاب بِسَهْمِ فَقُتِلَ، فَكَانَ أَوّلَ قَتِيلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمّ رُمِيَ حَارِثَةُ بْنُ سراقة، أحد بنى عدىّ ابن النّجّارِ، وَهُوَ يَشْرَبُ مِنْ الْحَوْضِ، بِسَهْمِ فَأَصَابَ نحره، فقتل.
قَالَ: ثُمّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى النّاسِ فَحَرّضَهُمْ، وَقَالَ:
وَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ، لَا يُقَاتِلُهُمْ الْيَوْمَ رَجُلٌ فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، إلّا أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنّةَ. فَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ، أَخُو بَنِي سَلَمَةَ، وفى يده ثمرات يَأْكُلُهُنّ: بَخْ بَخْ، أَفَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنّةَ إلّا أَنْ يَقْتُلَنِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .