وَيُقَالُ: كُرْزٌ- فَعَثَرَتْ بَغْلَةُ أَبِي حَارِثَةَ، فَقَالَ كُوزٌ: تَعِسَ الْأَبْعَدُ: يُرِيدُ:
رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو حَارِثَةَ: بَلْ أَنْتَ تَعِسْت! فَقَالَ:
وَلِمَ يَا أَخِي؟ قَالَ: وَاَللهِ إنّهُ لَلنّبِيّ الّذِي كُنّا نَنْتَظِرُ، فَقَالَ لَهُ كُوزٌ: مَا يَمْنَعُك مِنْهُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ هَذَا؟ قَالَ: مَا صَنَعَ بِنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ، شَرّفُونَا وَمَوّلُونَا وَأَكْرَمُونَا، وَقَدْ أَبَوْا إلّا خلافه، فلو فعلت نزعوا منّا كلّ ما تَرَى. فَأَضْمَرَ عَلَيْهَا مِنْهُ أَخُوهُ كُوزُ بْنُ عَلْقَمَةَ، حَتّى أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ. فَهُوَ كَانَ يُحَدّثُ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا بَلَغَنِي.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَلَغَنِي أَنّ رُؤَسَاءَ نَجْرَانَ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ كُتُبًا عِنْدَهُمْ.
فَكُلّمَا مَاتَ رَئِيسٌ مِنْهُمْ، فَأَفْضَتْ الرّيَاسَةُ إلَى غَيْرِهِ، خَتَمَ عَلَى تِلْكَ الْكُتُبِ خَاتَمًا مَعَ الْخَوَاتِمِ الّتِي كَانَتْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَكْسِرْهَا، فَخَرَجَ الرّئِيسُ الّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي، فَعَثَرَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: تَعِسَ الْأَبْعَدُ! يُرِيدُ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنّهُ نَبِيّ، وَاسْمُهُ فِي الْوَضَائِعِ، يَعْنِي.. الْكُتُبَ، فَلَمّا مَاتَ لَمْ تَكُنْ لِابْنِهِ هِمّةٌ إلّا أَنْ شَدّ فَكَسَرَ الْخَوَاتِمَ، فَوَجَدَ فِيهَا ذِكْرَ النّبِيّ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ وَحَجّ، وَهُوَ الذى يقول:
إليك تعدو قلقا وضيتها ... معترضا فى بطها جَنِينُهَا
مُخَالِفًا دِينَ النّصَارَى دِينُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .