. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذَكَرَ مَا أَنْزَلَ اللهُ فِي الْمُنَافِقِينَ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ مَا أَنْزَلَ اللهُ فِي الْمُنَافِقِينَ وَالْأَحْبَارِ وَمِنْ يَهُودَ مِنْ صَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَاسْتَشْهَدَ ابْنُ هِشَامٍ عَلَى الرّيْبِ بِمَعْنَى الرّيبَةِ بِقَوْلِ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرِ ابْنِ أُخْتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ، وَاسْمُ أَبِي ذُؤَيْبٍ: خُوَيْلِدُ بْنُ خَالِدٍ، وَالرّجَزُ الذى استشهد ببيت منه:
يا قوم مالى وَأَبَا ذُؤَيْب ... كُنْت إذَا أَتَيْته مِنْ غَيْبِ
يَشُمّ عَطْفِي وَيَمَسّ ثَوْبِي ... كَأَنّنِي أَرَبْته بِرَيْب
وَكَانَ أَبُو ذُؤَيْبٍ قَدْ اتّهَمَهُ بِامْرَأَتِهِ، فَلِذَلِكَ، قَالَ هَذَا.
وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَاَلّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلَاةَ، وَأَغْفَلَ التّلَاوَةَ: وَإِنّمَا هُوَ:
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ، وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ الْبَقَرَةُ: 3. وَكَذَلِكَ وَجَدْته مُنَبّهًا عَلَيْهِ فِي حَاشِيَةِ الشّيْخِ: وَفِي الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ أَقْوَالٌ، مِنْهَا أَنّ الغيب ههنا ما بعد الموت من أمور الآخرة، ومنها: أن الغيب: القدر، ومنها قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنّ الْغَيْبَ الْقَلْبُ، أَيْ يُؤْمِنُونَ بِقُلُوبِهِمْ، وَقِيلَ: يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ، أَيْ بِاَللهِ عَزّ وَجَلّ، وَأَحْسَنُ مَا فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلُ الرّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، أَيْ: يُؤْمِنُونَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، أَيْ: لَيْسُوا كَالْمُنَافِقِينَ الّذِينَ يُؤْمِنُونَ إذَا لَقُوا الّذِينَ آمَنُوا وَيَكْفُرُونَ إذَا غَابُوا عَنْهُمْ، وَيَدُلّ عَلَى صِحّةِ هَذَا التّأْوِيلِ: بِسِيَاقَةِ الْكَلَامُ، مَعَ قَوْلِهِ عَزّ وَجَلّ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ فَلَا يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ بِالْغَيْبِ إلّا تَأْوِيلًا وَاحِدًا، فَإِلَيْهِ يُرَدّ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ. وقوله سبحانه: لا ريب فيه، وَقَدْ ارْتَابَ فِيهِ كَثِيرٌ