قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهُوَ الّذِي يُقَالُ لَهُ:
لَيْتَ حَظّي مِنْ أَبِي كَرِب ... أَنْ يَسُدّ خيره خبله
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ قَدْ جَعَلَ طَرِيقَهُ- حِينَ أَقْبَلَ مِنْ الْمَشْرِقِ- عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ قَدْ مَرّ بِهَا فِي بَدْأَتِهِ، فَلَمْ يَهِجْ أَهْلَهَا، وَخَلّفَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ابْنًا لَهُ، فَقُتِلَ غِيلَةً، فَقَدِمَهَا وَهُوَ مُجْمِعٌ لِإِخْرَابِهَا، وَاسْتِئْصَالِ أَهْلِهَا، وَقَطْعِ نَخْلِهَا، فَجُمِعَ لَهُ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَرَئِيسُهُمْ عَمْرُو بْنُ طَلّةَ أَخُو بَنِي النّجّارِ، ثُمّ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ، وَاسْمُ مَبْذُولٍ: عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النّجّارِ، وَاسْمُ النّجّارِ: تَيْمِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، بْنِ عَمْرِو، بْنِ الْخَزْرَجِ، بْنِ حَارِثَةَ، بْنِ ثَعْلَبَةَ، بْنِ عَمْرِو، بْنِ عامر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَأَمّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ غَزْوِ تُبّعٍ الْمَدِينَةِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقُتَبِيّ أَنّهُ لَمْ يَقْصِدْ غَزَوْهَا، وَإِنّمَا قَصَدَ قَتْلَ الْيَهُودِ الّذِينَ كَانُوا فِيهَا، وَذَلِكَ أَنّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَانُوا نَزَلُوهَا مَعَهُمْ، حِينَ خَرَجُوا مِنْ الْيَمَنِ عَلَى شُرُوطٍ وَعُهُودٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ، فَلَمْ يَفِ لَهُمْ بِذَلِكَ يَهُودُ، وَاسْتَضَامُوهُمْ، فَاسْتَغَاثُوا بِتُبّعِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَدِمَهَا وَقَدْ قِيلَ: بَلْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ لِأَبِي جُبَيْلَة الْغَسّانِيّ، وَهُوَ الّذِي اسْتَصْرَخَتْهُ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ عَلَى يَهُودَ، فَاَللهُ أَعْلَمُ.
وَالرّجُلُ الّذِي عَدَا عَلَى عَذْقِ الْمَلِكِ، وَجَدّهُ مِنْ بَنِي النّجّارِ هُوَ: مالك ابن الْعَجْلَانِ فِيمَا قَالَ الْقُتَبِيّ، وَلَا يَصِحّ هَذَا عِنْدِي فِي الْقِيَاسِ لِبُعْدِ عَهْدِ تُبّعٍ مِنْ مدة ملك ابن العجلان.