. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ كَيْسَانَ فِي نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ (?) ، إنّهُ بَيْعُ الْعِنَبِ قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ التّمْرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَهُوَ قَوْلٌ غَرِيبٌ لَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ أَحَدٌ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ فِي الْأَرَضِينَ الّتِي اُفْتُتِحَتْ فِي زَمَانِهِ- وَقَدْ قِيلَ لَهُ: قَسّمْهَا عَلَى الّذِينَ افْتَتَحُوهَا- فَقَالَ: وَاَللهِ لَأَدَعَنّهَا حَتّى يُجَاهِدَ بِهَا حَبَلُ الْحَبَلَةِ، يُرِيدُ: أَوْلَادَهَا فِي الْبُطُونِ. ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ، وَالْقَوْلُ الّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَقَعَ فِي كِتَابِ الْأَلْفَاظِ لِيَعْقُوبَ وَإِنّمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ دُخُولُ الْهَاءِ فِي الْحَبَلَةِ، حَتّى قَالُوا فِيهِ أَقْوَالًا كُلّهَا هَبَاءٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنّمَا قَالَ الْحَبَلَةَ لِأَنّهَا بَهِيمَةٌ أَوْ جَنِينَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ:
دَخَلَتْ لِلْجَمَاعَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لِلْمُبَالَغَةِ، وَهَذَا كُلّهُ يَنْعَكِسُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ:
حَبَلَ الْحَبَلَةِ، فَإِنّهُ لَمْ تَدْخُلْ التّاءُ إلّا فِي أَحَدِ اللّفْظَيْنِ دُونَ الثّانِي، وَتَبْطُلُ أَيْضًا عَلَى مَنْ قَالَ أَرَادَ: مَعْنَى الْبَهِيمَةِ بِحَدِيثِ عُمَرَ الْمُتَقَدّمِ، وَإِنّمَا النّكْتَةُ فِي ذلك أن الحبل مادام حَبَلًا لَا يُدْرَى: أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى، لَمْ يُسَمّ حَبَلًا، فَإِذَا كَانَتْ أُنْثَى، وَبَلَغَتْ حَدّ الْحَمْلِ، فَحَبَلَتْ فَذَاكَ الْحَبَلُ هُوَ الّذِي نَهَى عَنْ بَيْعِهِ، وَالْأَوّلُ قَدْ عُلِمَتْ أُنُوثَتُهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، فَعَبّرَ عَنْهُ بِالْحَبَلَةِ، وَصَارَ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْجَنِينَةِ التى كانت حبلا لا يعرف ماهى، ثُمّ عُرِفَ بَعْدَ الْوَضْعِ، وَكَذَلِكَ فِي الْآدَمِيّينَ، فَإِذًا لَا يُقَالُ لَهَا: حَبَلَةٌ إلّا بَعْدَ المعرفة بأنها أنثى،