. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مِنْ حُكْمِ الْمَاءِ:
فَصْلٌ: وَفِيهِ شُرْبُهُ مِنْ إنَاءِ الْقَوْمِ، وَهُوَ مُغَطّى، وَالْمَاءُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْلَكُ وَالنّاسُ شُرَكَاءُ فِيهِ، وَفِي النّارِ وَالْكَلَأِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، لَكِنْ الْمُسْتَقَى إذَا أَحْرَزَهُ فِي وِعَائِهِ، فَقَدْ مَلَكَهُ، فَكَيْفَ اسْتَبَاحَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُرْبَهُ وَهُوَ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ، وَأَمْلَاكُ الْكُفّارِ لَمْ تَكُنْ أُبِيحَتْ يَوْمئِذٍ، وَلَا دِمَاؤُهُمْ.
فَالْجَوَابُ أَنّ الْعَرَبَ فِي الْجَاهِلِيّةِ كَانَ فِي عُرْفِ الْعَادَةِ عِنْدَهُمْ إبَاحَةُ الرّسُلِ لَابْنِ السّبِيلِ فَضْلًا عَنْ الْمَاءِ، وَكَانُوا يَعْهَدُونَ بِذَلِكَ إلَى رِعَائِهِمْ، وَيَشْتَرِطُونَهُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ عَقْدِ إجَارَتِهِمْ: أَلّا يَمْنَعُوا الرّسُلَ، وَهُوَ اللّبَنُ مِنْ أَحَدٍ مَرّ بِهِمْ، وَلِلْحُكْمِ فِي الْعُرْفِ فِي الشّرِيعَةِ أُصُولٌ تَشْهَدُ لَهُ، وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَخَرّجَ حَدِيثَ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ، وَفِيهِ: خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوف.
عَنْ دُخُولِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَصِفَةُ الْأَنْبِيَاءِ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ فِيهِ أَنّهُ دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَوَجَدَ فِيهِ نَفَرًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَصَلّى بِهِمْ، وَفِي حَدِيثِ التّرْمِذِيّ الّذِي قَدّمْنَاهُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ صَلّى بِهِمْ، وَقَالَ: مَا زَالَ مِنْ ظَهْرِ الْبُرَاقِ، حَتّى رَأَى الْجَنّةَ وَالنّارَ، وَمَا وَعَدَهُ اللهُ تَعَالَى، ثُمّ عَادَ إلَى الْأَرْضِ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ، وَرِوَايَةُ مَنْ أَثْبَتَ مُقَدّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ نَفَى، وَذَكَرَ فِيهِ صِفَةَ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَالَ فِي عِيسَى:
كَأَنّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ مَاءً وَلَيْسَ بِهِ مَاءٌ، وَكَأَنّهُ خَرَجَ مِنْ دِيمَاس وَالدّيمَاسُ: الحمّام،