. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ما يَرى) وَلَمْ يَقُلْ: مَا قَدْ رَأَى، فَدَلّ عَلَى أَنّ ثَمّ رُؤْيَةٌ أُخْرَى بَعْدَ هَذِهِ، ثُمّ قال:

(ولقد رآه نزلة أخرى) أَيْ: فِي نَزْلَةٍ نَزَلَهَا جِبْرِيلُ إلَيْهِ مَرّةً، فَرَآهُ فِي صُورَتِهِ الّتِي هُوَ عَلَيْهَا (عِنْدَ سدرة المنتهى، إذ يغشى السّدرة ما يغشى) قَالَ: يَغْشَاهَا فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: يَنْتَثِرُ مِنْهَا الْيَاقُوتُ، وَثَمَرُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ (?) ثم قال: (ما زاغَ الْبَصَرُ) وَلَمْ يَقُلْ: الْفُؤَادُ، كَمَا قَالَ فِي الّتِي قَبْلَ هَذِهِ، فَدَلّ عَلَى أَنّهَا رُؤْيَةُ عَيْنٍ وَبَصَرٍ فِي النّزْلَةِ الْأُخْرَى، ثُمّ قَالَ:

(لَقَدْ رأى من آيات ربّه الكبرى) (?) ، وَإِذَا كَانَتْ رُؤْيَةَ عَيْنٍ؛ فَهِيَ مِنْ الْآيَاتِ الْكُبْرَى، وَمِنْ أَعْظَمِ الْبَرَاهِينِ وَالْعِبَرِ، وَصَارَتْ الرّؤْيَا الْأُولَى بِالْإِضَافَةِ إلَى الْأُخْرَى لَيْسَتْ مِنْ الْكِبْرِ؛ لِأَنّ مَا يَرَاهُ الْعَبْدُ فِي مَنَامِهِ دُونَ مَا يَرَاهُ فِي يَقَظَتِهِ لَا مَحَالَةَ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ إنّهُ رَأَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى نَهَرَيْنِ ظَاهِرَيْنِ، وَنَهَرَيْنِ بَاطِنِينَ، وَأَخْبَرَهُ جِبْرِيل أَنّ الظّاهِرَيْنِ: النّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَذَكَرَ فِي حَدِيثِ أَنَس أَنّهُ رَأَى هَذَيْنِ النّهَرَيْنِ فِي السّمَاءِ الدّنْيَا، وَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: هُمَا النّيلُ وَالْفُرَاتُ، أَصُلْهُمَا وَعُنْصُرُهُمَا، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَأَى فِي حَالِ الْيَقَظَةِ مَنْبَعَهُمَا، وَرَأَى فِي الْمَرّةِ الْأُولَى النّهَرَيْنِ دُونَ أَنْ يَرَى أَصْلَهُمَا وَاَللهُ أَعْلَمُ. فَقَدْ جَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الْأَرْضِ) الْمُؤْمِنُونَ: 18 أَنّهُمَا النّيلُ وَالْفُرَاتُ أُنْزِلَا مِنْ الجنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015