لَا تَبْرَحْ حَتّى أُعْطِيَهُ الّذِي لَهُ، قَالَ: فَدَخَلَ، فَخَرَجَ إلَيْهِ بِحَقّهِ، فَدَفَعَهُ إلَيْهِ. قَالَ: ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- وَقَالَ لِلْإِرَاشِيّ:
الْحَقْ بِشَأْنِك، فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيّ حَتّى وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، فَقَالَ: جَزَاهُ اللهُ خَيْرًا، فَقَدْ وَاَللهِ أَخَذَ لِي حَقّي.
قَالَ: وَجَاءَ الرّجُلُ الّذِي بَعَثُوا مَعَهُ، فَقَالُوا: وَيْحَك! مَاذَا رَأَيْت؟ قَالَ:
عَجَبًا مِنْ الْعَجَبِ، وَاَللهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ ضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَخَرَجَ إلَيْهِ وَمَا مَعَهُ رُوحُهُ، فَقَالَ لَهُ: أَعْطِ هَذَا حَقّهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، لَا تَبْرَحْ حَتّى أُخْرِجَ إلَيْهِ حَقّهُ فَدَخَلَ فَخَرَجَ إلَيْهِ بِحَقّهِ، فَأَعْطَاهُ إيّاهُ. قَالَ: ثُمّ لَمْ يَلْبَثْ أَبُو جَهْلٍ أَنْ جَاءَ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْلَك! مَا لَك؟ وَاَللهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَنَعْت قَطّ! قَالَ: وَيْحَكُمْ، وَاَللهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ ضَرَبَ عَلَيّ بَابِي، وَسَمِعْت صَوْتَهُ، فَمُلِئَتْ رُعْبًا، ثُمّ خَرَجْتُ إلَيْهِ، وَإِنّ فَوْقَ رَأْسِهِ لَفَحْلًا مِنْ الْإِبِلِ، مَا رَأَيْت مِثْلَ هَامَتِهِ، وَلَا قَصَرَتِهِ، وَلَا أَنْيَابِهِ لِفَحْلٍ قط، والله لو أبيت لأكلنى.
قال ابن إسحاق: وحدثني أبي إسحاق بن يسار، قال: كان ركانة ابْنُ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ بن عبد مناف أشدّ قريش، فحلا يَوْمًا بِرَسُولِ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فِي بَعْضِ شِعَابِ مَكّةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: يَا رُكَانَةُ، أَلَا تَتّقِي اللهَ، وَتَقْبَلُ مَا أَدْعُوك إلَيْهِ؟ قَالَ:
إنّي لَوْ أَعْلَمُ أَنّ الّذِي تَقُولُ حقّ لا تبعتك، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .