قَالَ: ثُمّ رَجَعَ إلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكان، معه بالمدينة، حَتّى قَبَضَ اللهُ رَسُولَهُ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فَلَمّا ارْتَدّتْ الْعَرَبُ، خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَارَ مَعَهُمْ، حَتّى فَرَغُوا مِنْ طُلَيْحَةَ، وَمِنْ أَرْضِ نَجْدٍ كُلّهَا. ثُمّ سَارَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْيَمَامَةِ- وَمَعَهُ ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ الطّفَيْلِ- فَرَأَى رُؤْيَا وَهُوَ مُتَوَجّهٌ إلَى الْيَمَامَةِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: إنّي قَدْ رَأَيْت رُؤْيَا، فَاعْبُرُوهَا لِي، رَأَيْتُ أَنّ رَأْسِي حُلِقَ، وَأَنّهُ خَرَجَ مِنْ فَمِي طَائِرٌ، وَأَنّهُ لَقِيَتْنِي امْرَأَةٌ، فَأَدْخَلَتْنِي فِي فرجها، وأرى ابنى يطلبنى طلبا حَثِيثًا، ثُمّ رَأَيْتُهُ حُبِسَ عَنّي، قَالُوا:
خَيْرًا. قَالَ: أَمّا أَنَا وَاَللهِ، فَقَدْ أَوّلْتُهَا، قَالُوا: مَاذَا؟ قَالَ: أَمّا حَلْقُ رَأْسِي فَوَضْعُهُ، وَأَمّا الطّائِرُ الّذِي خَرَجَ مِنْ فَمِي فَرُوحِي، وَأَمّا الْمَرْأَةُ الّتِي أَدَخَلَتْنِي فَرْجَهَا، فَالْأَرْضُ تُحْفَرُ لِي، فأغيّب فيها، أما طَلَبُ ابْنِي إيّايَ ثُمّ حَبْسُهُ عَنّي، فَإِنّي أُرَاهُ سَيَجْهَدُ أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَنِي، فَقُتِلَ رَحِمَهُ اللهُ شَهِيدًا بِالْيَمَامَةِ، وَجُرِحَ ابْنُهُ جِرَاحَةً شَدِيدَةً، ثُمّ اسْتَبَلّ مِنْهَا، ثُمّ قُتِلَ عَامَ الْيَرْمُوكِ فِي زَمَنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ شهيدا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدّثَنِي خَلّادُ بْنُ قُرّةَ بْنِ خَالِدِ السّدُوسِيّ وَغَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنّ أَعْشَى بنى قيس بن ثعلبة بن عكابة ابْنُ صَعْبِ بْنِ عَلِيّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وائل، [بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى ابن جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارِ] خَرَجَ إلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ الْإِسْلَامَ فَقَالَ يَمْدَحُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .