. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قِصّةُ الْغَرَانِيقِ وَإِسْلَامُ مَكّةَ:
وَذَكَرَ مَا بَلَغَ أَهْلَ الْحَبَشَةِ مِنْ إسْلَامِ أَهْلِ مَكّةَ، وَكَانَ بَاطِلًا، وَسَبَبُهُ أَنّ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ سُورَةَ النّجْمِ، فَأَلْقَى الشّيْطَانُ فِي أَمْنِيّتَهُ، أَيْ: فِي تِلَاوَتِهِ عند ذكر اللّات والعزى، وإنّهم لهم لغرانقة الْعُلَى، وَإِنّ شَفَاعَتَهُمْ لَتُرْتَجَى، فَطَارَ ذَلِكَ بِمَكّةَ، فَسُرّ الْمُشْرِكُونَ، وَقَالُوا: قَدْ ذَكَرَ آلِهَتَنَا بِخَيْرِ فَسَجَدَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آخِرِهَا، وَسَجَدَ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُسْلِمُونَ، ثُمّ أَنَزَلَ اللهُ تَعَالَى: فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ الاية، فمن ها هنا اتّصَلَ بِهِمْ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ أَنّ قُرَيْشًا قَدْ أَسْلَمُوا، ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ إسْحَاقَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الْبَكّائِيّ، وَأَهْلُ الْأُصُولِ يَدْفَعُونَ هَذَا الْحَدِيثَ بِالْحُجّةِ، وَمَنْ صَحّحَهُ قَالَ فِيهِ أَقْوَالًا، مِنْهَا: أَنّ الشّيْطَانَ قَالَ ذَلِكَ وَأَشَاعَهُ. وَالرّسُولُ- عَلَيْهِ السّلَامُ- لَمْ يَنْطِقْ بِهِ، وَهَذَا جَيّدٌ لَوْلَا أَنّ فِي حَدِيثِهِمْ أَنّ جِبْرِيل قَالَ لِمُحَمّدِ:
مَا أَتَيْتُك بِهَذَا، وَمِنْهَا: أَنّ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَعَنَى بِهَا الْمَلَائِكَةَ: إنّ شَفَاعَتَهُمْ لَتُرْتَجَى (?) . وَمِنْهَا: أَنّ النّبِيّ- عَلَيْهِ السّلَامُ- قَالَهُ حَاكِيًا عَنْ الْكَفَرَةِ، وَأَنّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ، فقالها متعجبا من كفرهم،