وَلَيْلَةٍ. ثُمّ رَجَعْت إلَى مُوسَى، فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ فَقُلْت: قَدْ رَاجَعْت رَبّي وَسَأَلْته، حَتّى اسْتَحْيَيْت مِنْهُ فَمَا أَنَا بِفَاعِلِ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَكَانُ إدْرِيسَ:
فَصْلٌ: وَذِكْرُهُ لِإِدْرِيسَ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيّا} [مَرْيَمَ: 57] ، مَعَ أَنّهُ قَدْ رَأَى مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ فِي مَكَانٍ أَعْلَى مِنْ مَكَانِ إدْرِيسَ فَذَلِكَ وَاَللهُ أَعْلَمُ لِمَا ذُكِرَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنّ إدْرِيسَ خُصّ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ رُفِعَ قَبْلَ وَفَاتِهِ إلَى السّمَاءِ الرّابِعَةِ وَرَفَعَهُ مَلَكٌ كَانَ صَدِيقًا لَهُ وَهُوَ الْمَلَكُ الْمُوَكّلُ بِالشّمْسِ فِيمَا ذُكِرَ وَكَانَ إدْرِيسُ سَأَلَهُ أَنْ يُرِيَهُ الْجَنّةَ فَأَذِنَ لَهُ اللهُ فِي ذَلِكَ فَلَمّا كَانَ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ رَآهُ هُنَالِكَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَعَجِبَ وَقَالَ أُمِرْت أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ أَدَرِيسَ السّاعَةَ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ فَقَبَضَهُ هُنَالِكَ فَرَفْعُهُ حَيّا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الْعَلِيّ خَاصّ لَهُ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ.
قَوْلُ الْأَنْبِيَاءِ فِي كُلّ سَمَاءٍ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ مِنْ قَوْلِ الْأَنْبِيَاءِ لَهُ فِي كُلّ سَمَاءٍ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصّالِحِ وَقَوْلِ آدَمَ لِإِبْرَاهِيمَ بِالِابْنِ الصّالِحِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوّلِ هَذَا الْكِتَابِ حُجّةً لِمَنْ قَالَ إنّ إدْرِيسَ لَيْسَ بِجَدّ لِنُوحِ وَلَا هُوَ مِنْ آبَاءِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنّهُ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصّالِحِ وَلَمْ يَقُلْ بِالِابْنِ الصّالِحِ.
خَرَافَةُ طَلَبِ مُوسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ أُمّةِ أَحْمَدَ:
وَأَمّا اعْتِنَاءُ مُوسَى - عَلَيْهِ السّلَامُ - بِهَذِهِ الْأُمّةِ وَإِلْحَاحُهُ عَلَى نَبِيّهَا أَنْ يَشْفَعَ لَهَا، وَيَسْأَلَ التّخْفِيفَ عَنْهَا، فَلِقَوْلِهِ - وَاَللهُ أَعْلَمُ - حِينَ قُضِيَ إلَيْهِ الْأَمْرُ بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ,