يَسْتَأْذِنُ فِي دُخُولِهَا: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ مُحَمّدٌ فَيَقُولُونَ أوَ قَدْ بُعِثَ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُونَ حَيّاهُ اللهُ مِنْ أَخ وَصَاحِبٍ حَتّى انْتَهَى بِهِ إلَى السّمَاءِ السّابِعَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

مَذْهَبَهُ فِي أَنّ الْبَيَانَ لَا يَتَأَخّرُ ثُمّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إنّمَا هِيَ شَفَاعَةٌ شَفَعَهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمّتِهِ وَمُرَاجَعَةٌ رَاجَعَهَا رَبّهُ لِيُخَفّفَ عَنْ أُمّتِهِ وَلَا يُسَمّى مِثْلُ هَذَا نَسْخًا. قَالَ الْمُؤَلّفُ أَمّا مَذْهَبُهُ فِي أَنّ الْعِبَادَةَ لَا تُنْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ بِهَا، وَأَنّ ذَلِكَ بَدَاءٌ فَلَيْسَ بِصَحِيحِ لِأَنّ حَقِيقَةَ الْبَدَاءِ أَنْ يَبْدُوَ لِلْآمِرِ رَأْيٌ يَتَبَيّنُ لَهُ الصّوَابُ فِيهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ تَبَيّنَهُ وَهَذَا مُحَالٌ فِي حَقّ مَنْ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ بِعِلْمِ قَدِيمٍ وَلَيْسَ النّسْخُ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ إنّمَا النّسْخُ تَبْدِيلُ حُكْمٍ بِحُكْمِ وَالْكُلّ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ وَمُقْتَضَى حِكْمَتِهِ كَنَسْخِهِ الْمَرَضَ بِالصّحّةِ وَالصّحّةِ بِالْمَرَضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَيْضًا بِأَنّ الْعَبْدَ الْمَأْمُورَ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَوَجّهِ الْأَمْرِ إلَيْهِ ثَلَاثُ عِبَادَاتٍ الْفِعْلُ الّذِي أُمِرَ بِهِ وَالْعَزْمُ عَلَى الِامْتِثَالِ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَمْرِ وَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ إنْ كَانَ وَاجِبًا فَإِنْ نُسِخَ الْحُكْمُ قَبْلَ الْفِعْلِ فَقَدْ حَصَلَتْ فَائِدَتَانِ الْعَزْمُ وَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ. وَعَلِمَ اللهُ ذَلِكَ مِنْهُ فَصَحّ امْتِحَانُهُ لَهُ وَاخْتِبَارُهُ إيّاهُ وَأَوْقَعَ الْجَزَاءَ عَلَى حَسَبِ مَا عَلِمَ مِنْ نِيّتِهِ وَإِنّمَا الّذِي لَا يَجُوزُ نَسْخُ الْأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ وَقَبْلَ عِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِهِ وَاَلّذِي ذَكَرَ النّحّاسُ مِنْ نَسْخِ الْعِبَادَةِ بَعْدَ الْعَمَلِ بِهَا، فَلَيْسَ هُوَ حَقِيقَةَ النّسْخِ لِأَنّ الْعِبَادَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا قَدْ مَضَتْ وَإِنّمَا جَاءَ الْخِطَابُ بِالنّهْيِ عَنْ عَمَلِهَا لَا عَنْهَا، وَقَوْلُنَا فِي الْخَمْسِ وَالْأَرْبَعِينَ صَلَاةً الْمَوْضُوعَةِ عَنْ مُحَمّدٍ وَأُمّتِهِ أَحَدُ وَجْهَيْنِ إمّا أَنْ يَكُونَ نُسِخَ مَا وَجَبَ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَدَائِهَا وَرُفِعَ عَنْهُ اسْتِمْرَارُ الْعَزْمِ وَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ وَهَذَا قَدْ قَدّمْنَا أَنّهُ نَسْخٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَنُسِخَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ التّبْلِيغِ فَقَدْ كَانَ فِي كُلّ مَرّةٍ عَازِمًا عَلَى تَبْلِيغِ مَا أُمِرَ بِهِ وَقَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ إنّمَا كَانَ شَافِعًا وَمُرَاجِعًا يَنْفِي النّسْخَ فَإِنّ النّسْخَ قَدْ يَكُونُ عَنْ سَبَبٍ مَعْلُومٍ فَشَفَاعَتُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ لِأُمّتِهِ كَانَتْ سَبَبًا لِلنّسْخِ لَا مُبْطِلَةً لِحَقِيقَتِهِ وَلَكِنّ الْمَنْسُوخَ مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015