جليل المشاش والكتد دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ أَجْرَدَ شَثْنَ الْكَفّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ إذَا مَشَى تَقَلّعَ، كَأَنّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النّبُوّةِ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ النّبِيّينَ أَجْوَدَ النّاسِ كَفّا، وَأَجْرَأَ النّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقَ النّاسِ لَهْجَةً وَأَوْفَى النّاسِ ذِمّةً وَأَلْيَنَهُمْ عَرِيكَةً وَأَكْرَمَهُمْ عِشْرَةً مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ وَمَنْ خَالَطَهُ أَحَبّهُ يَقُولُ نَاعَتْهُ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَدِيثُ أُمّ هَانِئ عَن مسراه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ مُحَمّدُ بْنُ إسْحَاقَ وَكَانَ - فِيمَا بَلَغَنِي - عَنْ أُمّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَاسْمُهَا: هِنْدٌ - فِي مَسْرَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّهَا كَانَتْ تَقُولُ مَا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلّا وَهُوَ فِي بَيْتِي، نَائِمٌ عِنْدِي تِلْكَ اللّيْلَةَ فِي بَيْتِي، فَصَلّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمّ نَامَ وَنِمْنَا، فَلَمّا كَانَ قُبَيْلَ الْفَجْرِ أَهَبّنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمّا صَلّى الصّبْحَ وَصَلّيْنَا مَعَهُ قَالَ: "يَا أُمّ هَانِئٍ لَقَدْ صَلّيْت مَعَكُمْ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ كَمَا رَأَيْت بِهَذَا الْوَادِي، ثُمّ جِئْت بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلّيْت فِيهِ ثُمّ قَدْ صَلّيْت صَلَاةَ الْغَدَاةِ مَعَكُمْ الْآنَ كَمَا تَرَيْنَ"، ثُمّ قَامَ لِيَخْرُجَ فَأَخَذْت بِطَرَفِ رِدَائِهِ فَتَكَشّفَ عَنْ بَطْنِهِ كَأَنّهُ قِبْطِيّةٌ مَطْوِيّةٌ فَقُلْت لَهُ يَا نَبِيّ اللهِ لَا تُحَدّثُ بِهَذَا النّاسَ فَيُكَذّبُوك وَيُؤْذُوك، قَالَ: "وَاَللهِ لَأُحدّثُنّهموه". قَالَتْ فَقُلْت لِجَارِيَةِ لِي حَبَشِيّةٍ وَيْحَك اتّبِعِي رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتّى تَسْمَعِي مَا يَقُولُ النّاسُ وَمَا يَقُولُونَ لَهُ. فَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى النّاسِ أَخْبَرَهُمْ فَعَجِبُوا وَقَالُوا: مَا آيَةُ ذَلِكَ يَا مُحَمّدُ؟ فَإِنّا لَمْ نَسْمَعْ بِمِثْلِ هَذَا قَطّ، قَالَ: " آيَةُ ذَلِكَ أَنّي مَرَرْت بِعِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِوَادِي كَذَا وَكَذَا، فَأَنْفَرَهُمْ حِسّ الدّابّةِ فَنَدّ لَهُمْ بَعِيرٌ فَدَلَلْتهمْ عَلَيْهِ وَأَنَا مُوَجّهٌ إلَى الشّامِ. ثُمّ أَقْبَلْت حَتّى إذَا كُنْت بِضَجَنَانَ مَرَرْت بِعِيرِ بَنِي فُلَانٍ فَوَجَدْت الْقَوْمَ نِيَامًا، وَلَهُمْ إنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ قَدْ غَطّوْا عَلَيْهِ بِشَيْءِ فَكَشَفْت غِطَاءَهُ وَشَرِبْت مَا فِيهِ ثُمّ غَطّيْت عَلَيْهِ كَمَا كَانَ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنّ عِيرَهُمْ الْآنَ تَصُوبُ مِنْ الْبَيْضَاءِ، ثَنِيّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَهَذِهِ الْكَلِمَةُ أَعْنِي: لَيْسَ كَذَلِكَ مُخِلّةً بِالشّرْحِ وَقَدْ وَجَدْته فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ بِإِسْقَاطِ يَقُولُ كَذَلِكَ وَلَكِنْ عَلَى نَصّ ذَكرْنَاهُ آنِفا. عَنهُ عَن الْأَصْمَعِي وَالَّذِي فِي غَرِيب الحَدِيث من تِلْكَ الزِّيَادَة وهم وَقع فِي الْكتاب وَالله أعلم.