. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ أَمَا تَسْتَحْيِي يَا بُرَاقُ فَمَا رَكِبَك عَبْدٌ لِلّهِ قَبْلَ مُحَمّدٍ هُوَ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ فَقَدْ قِيلَ فِي نُفْرَتِهِ مَا قَالَهُ ابْنُ بَطّالٍ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصّحِيحِ قَالَ كَانَ ذَلِكَ لِبُعْدِ عَهْدِ الْبُرَاقِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَطُولِ الْفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمّدٍ عَلَيْهِمَا السّلَامُ وَرَوَى غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَبَبًا آخَرَ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ قَالَ جِبْرِيلُ لِمُحَمّدِ عَلَيْهِ السّلَامُ حِينَ شَمَسَ بِهِ الْبُرَاقُ لَعَلّك يَا مُحَمّدُ مَسِسْت الصّفْرَاءَ الْيَوْمَ فَأَخْبَرَهُ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنّهُ مَا مَسّهَا إلّا أَنّهُ مَرّ بِهَا، فَقَالَ تَبّا لِمَنْ يَعْبُدَك مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا مَسّهَا إلّا لِذَلِكَ وَذَكَرَ هَذِهِ الرّوَايَةَ أَبُو سَعِيدٍ النّيْسَابُورِيّ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى، فَاَللهُ أَعْلَمُ وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ الصّفْرَاءِ فِي مُسْنَدِ الْبَزّارِ، وَأَنّهَا كَانَتْ صَنَمًا بَعْضُهُ مِنْ ذَهَبٍ فَكَسُرّهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ وَفِي الْحَدِيثِ الّذِي خَرّجَهُ التّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيقِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيّ أَنّهُ - عَلَيْهِ السّلَامُ - حِينَ انْتَهَى إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ جِبْرِيلُ بِإِصْبَعِهِ إلَى الصّخْرَةِ فَخَرَقَهَا فَشَدّ بِهَا الْبُرَاقَ وَصَلّى، وَأَنّ حُذَيْفَةَ أَنْكَرَ هَذِهِ الرّوَايَةَ وَقَالَ لَمْ يَفِرّ مِنْهُ وَقَدْ سَخّرَهُ لَهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ وَفِي هَذَا مِنْ الْفِقْهِ عَلَى رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ التّنْبِيه عَلَى الْأَخْذِ بِالْحَزْمِ مَعَ صِحّة التّوَكّل، وَأَنّ الْإِيمَانَ بِالْقَدَرِ كَمَا - رُوِيَ عَنْ وَهْب بْن مُنَبّهٍ - لَا يَمْنَعُ الْحَازِمُ مِنْ تُوقِي الْمَهَالِك. قَالَ وَهْب: وَجَدَتْهُ فِي سَبْعِينَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللهِ الْقَدِيمَةِ وَهَذَا نَحْوٌ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَيّدْهَا وَتَوَكّلْ" فَإِيمَانُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنّهُ قَدْ سُخّرَ لَهُ كَإِيمَانِهِ بِقَدَرِ اللهِ وَعِلْمِهِ بِأَنّهُ سَبَقَ فِي عِلْمِ الْكِتَابِ مَا سَبَقَ وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَتَزَوّدُ فِي