نَفْسِهِ الرّحْمَةَ أَنّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الْأَنْعَامُ 52 - 54] .
ادِّعَاء الْمُشْركين على النَّبِي بتَعَلُّم جبر لَهُ، وَمَا أنزل الله فِي ذَلِك:
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَلَغَنِي - كَثِيرًا مَا يَجْلِسُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ إلَى مَبِيعَةِ غُلَامٍ نَصْرَانِيّ يُقَالُ لَهُ جَبْرٌ عَبْدٌ لِبَنِي الْحَضْرَمِيّ فَكَانُوا يَقُولُونَ وَاَللهِ مَا يَعْلَمُ مُحَمّدًا كَثِيرًا مِمّا يَأْتِي بِهِ إلّا جَبْرٌ النّصْرَانِيّ، غُلَامُ بَنِي الْحَضْرَمِيّ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنّهُمْ يَقُولُونَ إِنّمَا يُعَلّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيّ مُبِينٌ} [النّحْلُ 103] .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُلْحِدُونَ إلَيْهِ يَمِيلُونَ وَالْإِلْحَادُ الْمَيْلُ عَنْ الْحَقّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَنْ غُلَامِ الْمَبِيعَةِ وَصُهَيْبٍ وَأَبِي فُكَيْهَةَ
فَصْلٌ: ذَكَرَ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ إلَى مَبِيعَةِ غُلَامِ. الْمَبِيعَةِ مَفْعَلَة مِثْلَ الْمَعِيشَةِ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُلَة بِضَمّ الْعَيْنِ - وَهُوَ قَوْلُ الْأَخْفَشِ وَأَمّا قَوْلُهُمْ سِلْعَةٌ مَبِيعَةٌ فَمَفْعُولَةٌ حُذِفَتْ الْوَاوُ مِنْهَا فِي قَوْلِ سِيبَوَيْهِ حِينَ سَكّنُوا الْيَاءَ اسْتِثْقَالًا لِلضّمّةِ وَفِي قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَخْفَشِ إنّ الْيَاءَ بَدَلٌ مِنْ الْوَاوِ الزّائِدَةِ فِي مَبْيُوعَة، وَوَزْنُهَا عِنْدَهُ مَقُولَةٌ بِحَذْفِ الْعَيْنِ وَلِلْكَلَامِ عَلَى هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا. وَذَكَرَ صُهَيْبًا وَأَبَا فُكَيْهَةَ وَسَنَذْكُرُ اسْمَ أَبِي فُكَيْهَةَ وَالتّعْرِيفُ بِهِ فِيمَا بَعْدُ لِأَنّهُ بَدْرِيّ، وَكَذَلِكَ صُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ، وَنَقْتَصِرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ وَهُوَ يَسَارٌ مَوْلَى عَبْدِ الدّارِ.