وَمَا ذَاكَ مِنْ عِشْقِ النّسَاءِ وَإِنّمَا ... تَنَاسَيْت قَبْلَ الْيَوْمِ خُلّةَ مُهَدّدَا
وَلَكِنْ أَرَى الدّهْرَ الّذِي هُوَ خَائِنٌ ... إذَا أَصْلَحَتْ كَفّايَ عَادَ، فَأَفْسَدَا
كُهُولًا وَشُبّانًا فَقَدْت وَثَرْوَةً ... فَلِلّهِ هَذَا الدَّهْر كَيفَ تَرَدّدَا
وَمَا زِلْت أَبْغِي الْمَالَ مُذْ أَنَا يَافِعٌ ... وَلَيَدًا وَكَهْلًا حِينَ شِبْت وَأَمْرَدَا
وَأَبْتَذِلُ الْعِيسَ الْمَرَاقِيلَ تَعْتَلِي ... مَسَافَةَ مَا بَيْنَ النّجَيْرِ فَصَرْخَدَا
أَلَا أَيّهَذَا السّائِلِي أَيْنَ يَمّمَتْ ... فَإِنّ لَهَا فِي أَهْلِ يَثْرِبَ مَوْعِدًا
فَإِنْ تَسْأَلِي عَنّي، فَيَا رُبّ سَائِلٍ ... حَفِيّ عَنْ الْأَعْشَى بِهِ حَيْثُ أَصْعَدَا
أَجَدّتْ بِرِجْلَيْهَا النّجَاءَ وَرَاجَعَتْ ... يَدَاهَا خِنَافًا لَيّنًا غَيْرَ أَحْرَدَا
وَفِيهَا - إذَا مَا هجرت - عجرفية ... إذاخلت حِرْبَاءَ الظّهِيرَةِ أَصْيَدَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يُفْسِدُ مَعْنَى الْبَيْتِ وَلَكِنْ أَرَادَ الْمَصْدَرَ فَحَذَفَهُ وَالْمَعْنَى: اغْتِمَاضُ لَيْلَةَ أَرْمَدَ فَحَذَفَ الْمُضَافَ إلَى اللّيْلَةِ وَأَقَامَهَا مَقَامَهُ فَصَارَ إعْرَابُهَا كَإِعْرَابِهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ لَيْلُك بِالْكَافِ وَمَعْنَاهُ غَمْضُ أَرْمَدَ وَقِيلَ بَلْ أَرْمَدُ عَلَى هَذِهِ الرّوَايَةِ مِنْ صِفّةِ اللّيْلِ أَيْ حَالٌ مِنْهُ عَلَى الْمَجَازِ كَمَا تَقُولُ لَيْلُك سَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ تَنَاسَيْت قَبْلَ الْيَوْمِ خُلّةَ مُهَدّدَا مُهَدّدٌ فَغَلَلٌ مِنْ الْمَهْدِ وَلَوْلَا قِيَامُ الدّلِيلِ عَلَى أَنّ الْمِيمَ أَصْلِيّةٌ لَحَكَمْنَا بِأَنّهُ مُفْعِلٍ لِأَنّ الْكَلِمَةَ الرّبَاعِيّةَ إذَا كَانَ أَوّلُهَا مِيمًا أَوْ هَمْزَةً فَحَمَلَهَا عَلَى الزّيَادَةِ إلّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنّهَا أَصْلِيّةٌ وَالدّلِيلُ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ ظُهُورُ التّضْعِيفِ فِي الدّالِ إذْ لَوْ كَانَتْ الْمِيمُ زَائِدَةً لَمَا ظَهَرَ التّضْعِيفُ وَلَقُلْت فِيهِ مَهَدّ كَمَا تَقُولُ مَرَدّ وَمَكَرّ وَمَفَرّ فِي كُلّ مَا وَزْنُهُ مَفْعَل مِنْ الْمُضَاعَفِ وَإِنّمَا الدّالُ فِي مُهَدّدٌ ضُوعِفَتْ لِيَلْحَقَ بِبِنَاءِ جَعْفَرٍ.
وَقَوْلُهُ إذَا خِلْت حِرْبَاءُ الظّهِيرَةِ أَصْيَدَا وَالْأَصْيَدُ الْمَائِلُ الْعُنُقِ وَلَمّا كَانَتْ