ثُمّ إنّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعَ إلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ - وَكَانَ ذَا سِنّ فِيهِمْ وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمُ فَقَالَ لَهُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنّهُ قَدْ حَضَرَ هَذَا الْمَوْسِمُ وَإِنّ وُفُودَ الْعَرَبِ سَتَقْدَمُ عَلَيْكُمْ فِيهِ وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ هَذَا، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا وَاحِدًا، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَيُكَذّبُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَيَرُدّ قَوْلُكُمْ بَعْضُهُ بَعْضًا، قَالُوا: فَأَنْتَ يَا أَبَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَوْقِفُ الْوَلِيدِ مِنْ الْقُرْآنِ
وَذَكَرَ خَبَرَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَقَوْلَهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْوَحْيِ وَالْقُرْآنِ قَدْ سَمِعْنَا الشّعْرَ فَمَا هُوَ بِهَزَجِهِ وَلَا رَجَزِهِ. وَالْهَزَجُ مِنْ أَعَارِيضِ الشّعْرِ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَرُوضِيّينَ وَلَا أَعْرِفُ لَهُ اشْتِقَاقًا إلّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي وَصْفِ الذّبَابِ هَزِجٌ أَيْ مُتَرَنّمٌ وَأَمّا الرّجَزُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَجَزْت الْحَمْلَ إذَا عَدَلْته بِالرّجَازَةِ وَهُوَ شَيْءٌ يُعْدَلُ بِهِ الْحَمْلُ وَكَذَلِكَ الرّجَزُ فِي الشّعْرِ أَشْطَارٌ مُعَدّلَةٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَجَزَتْ النّاقَةُ إذَا أَصَابَتْهَا رِعْدَةٌ عِنْدَ قِيَامِهَا، كَمَا قَالَ الشّاعِرُ:
حَتّى تَقُومَ تَكَلّفَ الرّجْزَاءِ
فَالْمُرْتَجِزُ كَأَنّهُ مُرْتَعِدٌ عِنْدَ إنْشَادِهِ لِقِصَرِ الْأَبْيَاتِ.
وَقَوْلُهُ قَدْ سَمِعْنَا الْكُهّانَ فَمَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ الْكَاهِنِ وَلَا سَجْعِهِ الزّمْزَمَةُ صَوْتٌ ضَعِيفٌ كَنَحْوِ مَا كَانَتْ الْفُرْسُ تَفْعَلُهُ عِنْدَ شُرْبِهَا الْمَاءَ وَيُقَالُ أَيْضًا: زَمْزَمَ الرّعْدُ وَهُوَ